• الموقع : مركز اهل البيت في لندن - سري .
        • القسم الرئيسي : بحوث علمية .
              • القسم الفرعي : البحوث التاریخیة .
                    • الموضوع : هل خروج ُالحسين (عليه السلام) مخالفٌ للمصلحةِ؟ .

هل خروج ُالحسين (عليه السلام) مخالفٌ للمصلحةِ؟

أشاعتْ بعضُ الأقلام (قديماً وحديثاً) أنّ خروج الإمام الحسين علیه السلام لمْ يكن بمصلحة الاُمّة ولذلك نهاه بعض من الصحابة وحاولوا منعه، و بهذا الخروج نال أولئك الظلمة الطغاة من سبط رسول الله حتّى قتلوه مظلوماً شهيداً، وكان في خروجه وقتله من الفساد ما لم يكن يحصل لو قعد في بلده.

وهذا القول واضحُ البطلانِ للأمور التالية:

أوّلاً: إنَّ الإمام الحسين علیه السلام بيّن معالم ثورته وأهدافها وأنّها ثورة إصلاحيّة فأعلن في وصيّته قائلاً: (إنّي لَمْ أخْرُجُ أشِراً ولابَطراً وَلاظالِمَاً ولامُفْسِداً وإنّما خَرَجْتُ لِطَلَبِ الإصلاحِ فِي اُمّةِ جَدِي). فالإمام علیه السلام نفى جميعَ أنواع الفساد عن حركته المقدّسة مشيراً إلى وجود فسادٍ في الاُمّة يريدُ إصلاحه وتخليصَ المجتمعِ منه.

ثانياً: لو بقي الإمام الحسين علیه السلام في مكّة لقُتل بها كما صَرّح هو علیه السلام بذلك لابن عبّاس: ( لئَن اُقْتَل بمَكانِ كَذَا وَ كَذَا أحبُّ اليَّ مِنْ أنْ تُسْتَحَلَّ بِيَ مكّة ).
وهذا يُثبتُ عِلْمَهُ علیه السلام بأنّه سيُقتل في مكّة لو بقي فيها و لذلك خرج منها، و وافقه على ذلك ابن عبّاس، فسواءٌ خرج الحسين علیه السلام أو قعد في بلده فهو مقتول فالخروج كان لا بدَّ منه لكي لا تُستَحَلَّ به حرمة البيتِ الحرامِ.

ثالثاً: لم ينفع ابن الزبير قعوده في مكّة وهي بلده الأوّل فاستُحلّت به حرمة الكعبة، وهو ما كان سيحصل لو قعد الحسينُ علیه السلام في مكّة فكيف يزعم ابن تيمية: أنّ في خروجه وقتله من الفساد ما لم يكن يحصل لو قعد في بلده!!.

رابعاً: إنَّ الصحابة الذين أشاروا على الإمام الحسين علیه السلام بعدم التوجه إلى العراق كانت إشارتهم بداعي الخوف على الإمام علیه السلام من القتل لابداعي حرمة الخروج على يزيد (لعنه الله).
وكان سبب خوفهم على الإمام علیه السلام ما تواتر عن الرسول من أنّ الإمام الحسين علیه السلام سيُقتل في العراق .

خامساً: لو كان خروج الإمام الحسين علیه السلام مفسدةً لنهى عنه الرسول كما نهى بعض أزواجه وحذّرها مِنْ أنْ تكون هي التي تنبحها كلاب الحوأب.
 فعن ابن عبّاس (رضي الله عنه)  قال: قال رسول الله: أيّتُكنَّ صاحبة الجمل الأدبب [أي كثير وَبَر الوجه]، يُقتل حولها قتلى كثيرة، تنجو بعدما كادت.
وحين سارت عائشة جهة البصرة قُبيل وقعة الجمل، فلمّا بلغت مياه بني عامر نبحت الكلاب، فقالت: أيّ ماءٍ هذا؟ قالوا: ماء الحوأب، قالت: ما أظنّني إلّا أنّي راجعة.
فقال لها الزبير: بل تقدمين، فيراك المسلمون، فيصلح الله (عزّ وجلّ) بينهم، قالت: إنّ رسول الله قال لي ذات يوم: كيف بإحداكنَّ تنبح عليها كلاب الحوأب.
ولو كان خروجُ الإمام الحسين علیه السلام مفسدةً، كما يزعمُ ابنُ تيمية، لنهاه رسول الله إمّا مباشرةً أو بواسطةٍ ، أو أنّه كان يشير إلى ذلك و لكنْ لا شيء من ذلك صدر من الرسول بلْ صدر منه عكسَ ذلك حيث بكى على الحسين في أوّل يومٍ من ولادته , وكان يَدْعو أصحابه من المسلمين إلى نصرة سبطه في كربلاء كما دعا الإمامُ عليّ علیه السلام إلى نصرة ولده في كربلاء أيضاً .
قال ابن كثير [ت: 774هـ ]: وقال أبو القاسم البغويّ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ هارُون ، أَبُو بَكْرٍ ، ثنا إِبْرَاهِيم بْنِ مُحَمَّدِ الرَّقِّيِّ وَ عَلِيّ بْنِ الْحَسَنِ الرَّازِيّ قَالَا : ثنا سَعِيدُ بْنَ عَبْدِ الْمَلِكِ أَبُو وَاقِدِ الْحَرَّانِيّ ، ثنا عَطَاءُ بْنِ مُسْلِمٍ ، ثنا أَشْعَثُ بْنِ سُحَيْم ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ : 
 سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ الْحَارِثِ يَقُولُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ يَقُولُ : إِنَّ ابْنِي  (يَعْنِي الْحُسَيْن)  يُقْتَلُ بِأَرْضٍ يُقَالُ لَهَا كَرْبَلَاء ، فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ ذَلِكَ فلينْصُرَهُ ، قَالَ : فَخَرَجَ أَنَسُ بْنِ الْحَارِثِ إِلَى كَرْبَلَاءَ فَقُتِلَ مَعَ الْحُسَيْن. 

سادساً: أخرج مسلم [204 هـ - 261 هـ ] في صحيحه ‏‏أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ‏ ‏قَالَ ‏ ‏سَتَكُونُ أُمَرَاءُ فَتَعْرِفُونَ وَتُنْكِرُونَ فَمَنْ ‏ ‏عَرَفَ ‏بَرِئَ وَمَنْ أَنْكَرَ سَلِمَ وَلَكِنْ مَنْ رَضِيَ وَتَابَعَ، قَالُوا: أَفَلَا نُقَاتِلُهُمْ قَالَ: لَا مَا صَلَّوْا.
فهذا الحديث يثبت مشروعيّة الخروج على يزيد (لعنه الله)  من حيث أنّه كان فيه (كما صرّح ابن كثير وغيره): إقبال على الشهوات وترك بعض الصلوات في بعض الأوقات،  وإماتتها في غالب الأوقات.
نعم لقد قال عبد الله بن حنظلة الأنصاريّ [ت63هـ ]: والله ما خرجنا على يزيد، حتّى خفنا أنْ نُرمى بالحجارة من السماء، إنّه رجل ينكح اُمّهات الأولاد والبنات والأخوات ويشرب الخمر ويدع الصلاة.
وهذا غيضٌ من فيضٍ وقطرةٌ من بحرٍ ممّا ارتكبه يزيد بن معاوية من قتلٍ وسفكٍ للدماء وانتهاكٍ للحرمات وأحياءٍ للبدعة وأماتةٍ للسنّة وغير ذلك ممّا ذكره المؤرخون في مثالب يزيد بن معاوية.

المصدر:کتاب السلم و اللاعنف في الاسلام و امتدادهما في النهضة الحسینیة تألیف سماحة السید قاسم الجلالي 


  • المصدر : http://www.surrey-ic.org/subject.php?id=31
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2022 / 03 / 14
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 14