• الصفحة الرئيسية

حول المركز :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

  • التعريف بالمركز (2)
  • نشاطات المركز (1)
  • إعلانات المركز (48)
  • التواصل (1)

بحوث علمية :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

  • البحوث القرآنية (4)
  • بحوث نهج البلاغة (20)
  • البحوث العقائدية (15)
  • البحوث التاریخیة (14)
  • البحوث الفقهية (3)
  • البحوث الأصولیة (18)

المحاضرات (مرئیات) :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

  • شهر محرم و صفر (56)
  • شهر رمضان المبارك (67)
  • مناسك الحج (47)
  • الادعیة (15)
  • البث الفضائي (34)
  • التفسیر (9)
  • الدروس الحوزویة (2)
  • الحوارات و الندوات (3)
  • مجالس التأبین (3)
  • متفرقات (34)
  • مجالس استشهاد المعصومین (28)
  • مجالس میلاد المعصومین و الاعیاد (33)
  • صلاة الجمعة (65)
  • صلاة العیدين (4)

حقل الصور :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

  • رمضان المبارك (5)
  • محرّم الحرام (0)
  • نشاطات عامّة (6)
  • صفر المظفّر (0)
  • ولادات المعصومین (7)
  • وفیات المعصومین (2)
  • صلاة الجمعة و العیدین (6)

البحث :


  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية
  • أرشيف المواضيع
  • إتصل بنا
  • القسم الرئيسي : بحوث علمية .

        • القسم الفرعي : البحوث التاریخیة .

              • الموضوع : السلم و اللاعنف فی التأريخُ الإسلاميُّ في دورهِ الدفاعيّ و غزوات النبیّ و اعترافاتُ المفكرين الغربييّن بعظمةِ الإسلام .

السلم و اللاعنف فی التأريخُ الإسلاميُّ في دورهِ الدفاعيّ و غزوات النبیّ و اعترافاتُ المفكرين الغربييّن بعظمةِ الإسلام

 تتفاوت دوافع الحرب والقتال لدى الأمم  والشعوب؛ بتفاوت البواعث والنوازع ، فالإغريقيّون والرومان يبحثون وراء التسلّط والقوّة ، واليهود يعتقدون (زوراً وافتراءً)  أنّهم شعب إختاره الله تعالى فله ما يشاء، والنصارى وإنْ ترى حرمة القتال في شريعتها إلّا أنّ الضرورة السياسيّة قد تفرضه، والعرب مبتغاها إمّا السلب والنهب أو الماء والكلاء. 
إلّا أننّا لا نجد شيئاً من تلك الدوافع وراء القتال عند النبيّ بل جاء بشريعة هذّبت طباع الإنسان وعدّلت سلوك البشر وأقرّت حقّ الدفاع عن النفس ومنعت من العدوان والتعدّي على حقوق الآخرين.
إنّ مَنْ تأمّل في حروب الإسلام على عهد النبيّ يلاحظ بوضوح أنّها لم تخرج عن نطاق السلم  وتثبيت الأمن والاستقرار في أهدافها وتطلّعاتها بل هي تجسيدٌ حيٌّ وصورةٌ واضحةٌ لهذا المبادئ حيث إنّها تهدف للحفاظ على الإنسان، والدفاع عن النفس، وتأمين الحرّية الفكريّة والاجتماعيّة ، وقد ظهرت في خلال تلك الحروب، إنسانيّة  النبيّ وسموّ نفسه الكريمة، ورفعة مبادئ الإسلام .
علماً أنّ أعداء الإسلام كانوا هم السبب وراء إثارة تلك الحروب، وإسعار نارها ، وممّا يدلّ على ذلك إنّ أغلبها وقع حول المدينة المنوّرة ولم تتجاوز ذلك ممّا يدلّ بوضوح على طابعها الدفاعيّ أو الوقائيّ.
مِنْ هنا يمكن القول: إنّ حروب النبيّ التي فرضت على المسلمين  (بنحو وآخر) لم تخرج عن إحدى حالتين:

الأولى: الحرّبُ الوقائيّةُ
وهي الحروب التي خاضها النبيّ في غزواته وسراياه بهدف صدّ الاعتداء وإيقاف حركة العُنْف التي من شأنها تدمير الحياة والقضاء على العقيدة.
فعندما كان الوحي يخبر النبيّ بأنّ هذه القبيلة أو تلك تستعدّ لغزو المدينة كان النبيّ يُسارع في تجهيز حملةٍ وقائيّةٍ فيغزوها قبل أنْ تغزوه، وبهذا استطاع المسلمون دحر القبائل الطامعة في غزوهم، وصدّهم عن التفكير بالعدوان، وإشعارهم بقوّة المسلمين واستعدادهم  للنيل ممّن تسوّل له نفسه الكيد بهم. وهذا ما فعله في جميع غزواته وسراياه.

الثانية: الحربُ الدفاعيّةُ 
وهي الحروب التي فُرضت على النبيّ من أجل  الدفاع عن النفس والعقيدة أوعن العهود والالتزامات. 
ولم نجد في كلّ حروبه معركة واحدة استهدفت غير ذلك، فجميعها كانت دفاعيّة أو وقائيّة (كما تقدّم) ليس فيها شئ من العدوان . 
لذلك لم يقاتل المشركين من العرب إلّا بعد ما نبذوا عهودهم بعد فتح مكّة، وهذا ما صرّح به قوله تعالى: { وَإِن نَّكَثُواْ أَيْمَانَهُم مِّن بَعْدِ عَهْدِهِمْ وَطَعَنُواْ فِي دِينِكُمْ فَقَاتِلُواْ أَئِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لاَ أَيْمَانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَنتَهُونَ  أَلاَ تُقَاتِلُونَ قَوْمًا نَّكَثُواْ أَيْمَانَهُمْ وَهَمُّواْ بِإِخْرَاجِ الرَّسُولِ وَهُم بَدَؤُوكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ أَتَخْشَوْنَهُمْ فَاللّهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَوْهُ إِن كُنتُم مُّؤُمِنِينَ }.
وأمّا قتال اليهود، فإنّهم كانوا قد عاهدوا الرسول بعد هجرته، ثمّ لم يلبثوا أنْ نقضوا العهد وانضمّوا إلى المشركين والمنافقين ضدّ المسلمين، ووقفوا محاربين لهم في غزوة الأحزاب.

أسباب حروب النبيّ وغزواته 

ليس الهدف من عقد هذا البحث استقصاء الحروب والغزوات الإسلاميّة،ولا بيان وقائعها ومجرياتها ، وإنّما الغرض بيان  طابعها الدفاعيّ تارة والوقائيّ أخرى.
ومن الجليّ لدى كلّ من سبر غور التأريخ الإسلاميّ ووقف على المعارك التي خاضها النبيّ أنّها لم تكن معارك ابتدائيّة ؛ بل كانت دفاعيّة كما سيتّضح جليّاً بأنّها وقعت نتيجة لنقض العهود التي ابرمت مع المسلمين من جهة ولتخطيط اعداء الإسلام واعداد العدة لمهاجمة الدولة الاسلامية من جهة اخرى. 
وذلك لأنّ الابتداء بالقتال لاينحصر بالهجوم وفتح جبهة الصراع وإنّما الذي يخطّط ويجهّز ويُعدّ العدّة ويحشّد الحشود هو الباديء للحرب ، والطرف الأخر هو المدافع؛ من هنا تعدّ الضربات الاستباقيّة للعدوّ نوعاً من أنواع الحرب الدفاعيّة في كثير من الأحيان.

وإليك المعارك الإسلاميّة حسب التسلسل الزمنيّ لها:

غزوة الأبواء ( غزوة ودان ) [سنة 2 هـ] 
خرج النبيّ ومعه ستّون رجلاً من أصحابه إلى الأبواء يريد قريشا و بني حمزة وكان لواؤه بيد عمّه حمزة رضوان الله عليه، والهدف منها الضغط على قريش كي تكفّ عن أذى المسلمين في مكّة، ومصالحة بني حمزة على أنْ لا يغزون المسلمين،ولا يكثّرون عليهم جمعاً، ولايعينون لهم عدوّاً، فتمَّ ذلك، ثمَّ رجع إلى المدينة.

غزوة بواط [سنة 2 هـ ] 
خرج النبيّ مع مائتين من أصحابه إلى بواط،يعترض عيراً لقريش لكي يكفّوا عن المسلمين المستضعفين الذين يؤذونهم في مكّة، ثمّ رجع إلى المدينة . 

غزوة العُشَيرة [سنة 2 هـ ]  
خرج النبيّ مع مائة وخمسين رجلاً من أصحابه يحمل لواءه عمّه حمزة (رضوان الله عليه) إلى منطقة العشيرة وأقام فيها شهراً يريد عير قريش لتكفّ عن أذى المسلمين في مكّة ، وفيها وادع بني مدلج وحلفاءهم، وعاد دون وقوع حرب.

غزوة بدر الأولى [سنة 2 هـ ] 
خرج النبيّ مع أصحابه إلى منطقة بدرٍ في طلب كُرْزْ بن جابر الفهريّ الذي أغار على سرح المدينة فبلغ وادي سفوان من ناحية بدر ، وتمكّن كرز من الهرب ، فعاد المسلمون إلى المدينة .

غزوة بدر الكبرى [سنة 2 هـ ]
خرج النبيّ في نفس السنة ومعه ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلاً ، ومعهم فرسان وسبعون بعيراً ، وعدد جيش الكفّار نحوُ ألف وثلاثمائة مقاتل، معهم مائة فرس، الهدف منها الاستيلاء على قافلة قريش عوضاً عن الأموال التي استولت عليها قريش من المسلمين أثناء الهجرة إلى المدينة ، حيث قال لأصحابه : ( هذه عير قريش فيها أموالهم فاخرجوا إليها)،وانتهت المعركة بانتصار ربانيّ للمسلمين وهزيمة كبرى للمشركين .

غزوة قَرْقَرَةَ الْكُدْرِ( بني سليم ) [سنة 2 هـ ]
انتهزت قبيلة بني سليم  من قبائل غطفان فرصة انشغال المسلمين في حربهم مع المشركين بعد بدر، فحشّدت قواتها لغزو المدينة، فسار إليهم وعندما وصل المسلمون منازل بني سليم في موضع يقال له: الكُدْر، فرّ بنو سليم ، وتركوا في الوادي خمسمائة بعير أخذها المسلمون غنيمةً ، ثمّ رجعوا إلى المدينة منتصرين غانمين بعد بقائهم في ديار القوم ثلاثة أيّام. 

غزوة بني قينقاع [سنة 2 هـ ]
وهم حيٌّ من اليهود حول المدينة نبذوا عهد المسلمين وخانوهم، فخرج| إليهم وحاصرهم خمس عشرة ليلة، حتّى طلبوا منه أن يخرجوا من ديارهم بالنساء والأولاد ويتركوا للمسلمين الأموال، فقبل منهم ذلك وأجلاهم. 

غزوة السويق [سنة 2 هـ ]
أغار أبو سفيان في مائتين من المشركين على المدينة المنّورة وأحرق بعض نخلها، فخرج إليهم النبيّ ففرّوا تاركين ما كانوا يحملون من أجربة السويق ولذلك سمّيت غزوة السويق. 

غزوة غطفان ( ذو أمرّ) [سنة 3 هـ ] 
تحشّد جمعٌ  من بني ثعلبة بن سعيد بن ذبيان بن بغيض بن ريث بن غطفان ، وبني محارب بن خصفة بن قيس، يقطنون منطقة يقال لها : (ذو أمرّ ) للإغارة على المدينة، فخرج النبيُّ إليهم في أربعمائة وخمسين فتشتّتوا في رؤوس الجبال.  

غزوة بحران [سنة 3 هـ ] 
وفي نفس السنة خرج الرسول إلى بحران مع ثلاثمائة من أصحابه، وذلك أنّ جمعاً من بني سليم تجمّعوا هناك يريدون الإغارة على المدينة، فلمّا وصل إليهم  تفرّقوا، فلم تقع حرّب، ورجع المسلمون إلى المدينة.

غزوة أحد [سنة 2 هـ ] 
تجمّع المشركون في منطقة أحد ثأراً ليوم بدر  فاكتملت عدّتهم خمسة آلاف وكان عدد المسلمين ستمائة .
سيطر المسلمون على الحرب في أوّل الأمر حتّى تصدّعت صفوف المشركين، فانهزموا أمامهم ، ولمّا خالف الرّماة أمر النبيَّ (بعدم التخلّي عن مواقعهم سواء غَلَب المسلمون أم غُلِبوا)  تاركين الجبل طمعاً بالغنيمة انتهز خالد بن الوليد الفرصة فهجم على المسلمين من خلفهم، فانهزم المسلمون ولم يبق منهم إلّا أمير المؤمنين عليه السلام وبعض آخر يذبّون عن النبيّ، واستشهد حمزة رضوان الله عليه.

غزوة حمراء الأسد [سنة 3 هـ ] 
بعد معركة أحد أمر الله تعالى النبيّ| بملاحقة المشركين لئلا يعاودوا الهجوم على المدينة فخرج النبيّ إلى منطقة حمراء الأسد وبذلك ألقى الرّعب في قلوب المشركين وقد ذعر أبو سفيان ذعراً شديداً ممّا جعله يلوذ بالفرار.

غزوة بني النضير [سنة 4 هـ ]
كان بين يهود بني النضير والمسلمين عهدٌ وجوارٌ، ذهب إليهم النبيّ؛ ليعينوه في دية رجلين قتلهما عمرو بن أميّة إشتباهاً ، فقالوا له: نعم يا أبا القاسم، نعينك على ما أحببت.
ثّم أخذوا يتشاورن فأشار عليهم حيَي بن أخْطَب بإغتيال النبيّ| لكنَّ  سَلاَّم بن مِشْكَم حذّرهم من الغدر ونقض العهد لسوء عاقبته ، وبينما كانوا يهمّون بتنفيذ الغدر أخبر الوحي النبيّ بالأمر فرجع إلى المدينة، ثمّ أمهلهم عشرة أيّام للنزوح عن المدينة لنقضهم العهد وإرادتهم الغدر فإمتنعوا عن ذلك فسار اليهم النبيّ |مع جمع من أصحابه، ورايته بيد الإمام أمير المؤمنين عليه السلام وحاصروا حصونهم، حتّى استسلموا وانجلوا عن المدينة المنوّرة.

غزوة ذات الرّقاع [سنة 4 هـ ] 
في السنة الرّابعة للهجرة تعبّأت قبائل من نجد وهم بنو ثعلبة و بنو محارب و بنو غطفان للهجوم على المدينة، وعلم الرسول  بذلك فخرج في أصحابه، حتّى نزل (نخلاً) وهي قريبة من ذات الرّقاع ولمّا عرف الأعراب المشركون بمباغتة المسلمين أخذهم الرعب، فتفرقوا منهزمين قبل اللقاء، وحين وصل الرسول  لم يجد إلّا النساء والمتاع، فجعلها فيئاً للمسلمين، وعاد إلى المدينة.

غزوة بدر الآخرة [سنة 5 هـ ]  
لمّا وضعت حرب أحُدٍ أوزارها نادى أبو سفيان: (يومٌ بيومِ بدرٍ والموعد العام المقبل) لذا خرج مع أصحابه،وخرج أبو سفيان من مكّة مع ألفي فارس، ولمّا وصلوا إلى ظهران علموا بخروج المسلمين، فخافوا وهلعوا، ولم يجرأوا على الإقدام فرجعوا إلى مكّة وعاد المسلمون إلى المدينة.

غزوة دومة الجندل [سنة 5 هـ ] 
خرج الرسول في ألف من المسلمين إلى هذه المنطقة و ذلك بعد أن تلقّى أخباراً عن ظلم أهالي هذه المنطقة للناس و التّجار ، و بعد أن عَلِم بعزمهم على الإغارة على المدينة ، ولمّا علم الأعراب بقدوم المسلمين تركوا منطقتهم و هربوا منها ، فأقام بها النبي| أيّاماً ثمّ عاد إلى المدينة.

غزوة بني المصطلق( المريسع ) [سنة 5 هـ ]
وفي نفس السنة تحشّدت جموع بني المصطلق تحت قيادة زعيمهم الحارث على ماء قرب مكّة، يسمّى: المريسع، لغزو المدينة، فبلغ ذلك الرسول فخرج في طلبهم،مع ألفٍ من المسلمين، فأحاطوا بهم ووقع القتال، وظفر المسلمون بهم، وأخذوا الأسرى قافلين إلى المدينة.

غزوة الخندق [سنة 5 هـ ]
إستطاع يهود بني النظير حشد عشرة آلاف مقاتل من قريش وبني سليم وأسد وفزارة وأشجع وغطفان لمهاجمة المدينة المنوّرة، فقرّر الرسول| حفر خندق حولها،اصطفَّ المسلمون وعددهم ثلاثة آلاف يواجهون الأحزاب الذين منعهم الخندق طيلة بضع وعشرين ليلة من اقتحام المدينة، إلّا أنَّ ( عمرو بن عبد ودّ)  و(عكرمة بن أبي جهل)  وجماعة آخرون تمكّنوا من العبور طالبين المبارزة ، فكان لهم الإمام أمير المؤمنين× بالمرصاد فقتل عمرو وفرّ عكرمة والآخرون ، ممّا جعل الذعر يدبُّ في جيش المشركين فجعله يتفكّك ، ولمّا أسفر الصبح  لم يجد المسلمون أحدا ًمن جيوش الأحزاب ، وهكذا حققّ الله تعالى النصر للمسلمين .

غزوة بني قريظة [سنة 5 هـ ]
أمر الله تعالى النبيّ (بعد الخندق)  بالتوجّه لبني قريظة؛ لنقضهم العهود والاتفاقات المدوّنة ،وذلك بانضمامهم  إلى عدوّ المسلمين ومناصرته في حرب الأحزاب، فدعا علياً عليه السلام فدفع إليه لواءَه ، وبعث بلالاً فنادى في الناس: إنّ رسول الله يأمركم أنْ لا تصلّوا العصر إلاّ في بني قريظة ،فحاصرهم خمساً وعشرين ليلةً، فطلبوا أبا لبابة  للمشورة فلمّا جاءهم  قالوا له: أترى أن ننزل على حكم محمّد؟ قال : نعم، وأشار بيده إلى حلقه أنّه الذبح،ثمّ ندم على ذلك وتاب إلى الله تعالى فتاب الله عليه.
عندها نزلت بنو قريظة على حكم النبيّ فطلبت الأوس من النبيّ أن يعاملهم كما عامل بني قينقاع حلفاء الخزرج ، فقال الرسول: ألا ترضون يا معشر الأوس أن يحكم فيهم رجل منكم وهو سعد بن معاذ؟ قالوا: قد رضينا بحكمه،جاء سعد ونادى: يا معشر اليهود أرضيتم بحكمي فيكم؟ قالوا: رضينا بحكمك ، عندها أصدر حكمه بقتل رجالهم، وسبي نسائهم وذراريهم، وتقسّم غنائمهم وأموالهم بين المهاجرين والأنصار.

مستند حكم سعد بن معاذ في بني قريظة 
أوّلاً: ألزم بنو قريظة أنفسهم بهذا الحكم حيث تعهدوا للمسلمين بأنّهم لو تآمروا ضدّهم فإنّ للمسلمين الحقّ في قتلهم وسلبهم وسبيهم .
ثانياً: إنّ هذا الحكم جاء وفقاً لشريعة اليهود في الحالات المشابهة.
ثالثاً: رأى سعد نقض بني النضير عهودهم حين عفا عنهم النبيّ فأشعلوا حرب الأحزاب، التي هدّدت مركز الدولة الإسلاميّة ، مّما يمكن تكراره من بني قريظة خصوصاً وقد صدر منهم نقض الميثاق سابقاً. 

غزوة بني لحيان [سنة 5هـ ]
غدر بنو لحيان بنفرٍ من المسلمين  بالرَّجِيع وتسبّبوا في قتلهم، فخرج النبيُّ إليهم في مائتين من أصحابه، ثمّ أسرع السير حتّى انتهى إلى بطن غُرَان (وهو وادٍ بين أمَجَ وعُسْفَان) حيث كان مصاب أصحابه، فترحّم عليهم ودعا لهم، وسمعتْ به بنو لحيان فهربوا في رؤوس الجبال،فأقام يومين بأرضهم، ثمّ رجع إلى المدينة‏.‏

غزوة الغابة  ( ذو قرَد) [سنة 5 هـ ] 
وكان سببها أنّ المشركين في تلك المنطقة كانوا يهدّدون المّارة ويقطعون الطرق حتّى أنّ أحدهم وهو عيينة بن حصن الفزاريّ أغار على إبل للنبيّ ترعى هناك  فعزم على قتالهم،فعقد لواءًا للمقداد، وقال: امض حتّى تلحقك الخيول وأنا على إثرك، فركب في خمسمائة من أصحابه ، وكانت نتيجة هذه الغزوة أنّهم أدركوا المشركين فهزموهم وقتلوا رؤساءهم .

غزوة الحديبية [سنة 6 هـ ]  
عزم الرسول على أداء العمرة ، فشدّ الرّحال مع أصحابه نحو مكّة ولمّا وصل إلى الحديبية صدّتهم قريش ، وبعد مشاورات طويلة بين وفود الطرفين توصّلوا إلى عقد صلحٍ  يقضي للمسلمين بالسماح بزيارة البيت ثلاثة أيّام في العام المقبل ، ورجع المسلمون إلى المدينة ، ثمّ خرجوا في السنة التالية ،فدخلوا مكّة و قد أخلتها قريش حسب الاتّفاقية ، فمكثوا فيها ثلاثة أيّام ثمّ عادوا إلى المدينة. 

غزوة عمرة القضاء [سنة 7 هـ ]
في مطلع ذي القعدة من السنة السابعة للهجرة أمرالنبيُّ أصحابه أن يعتمروا قضاء عمرتهم، وألّا يتخلّف منهم أحد شهد الحديبية، ثمّ خرج وأحرم للعمرة من ذي الحلَيْفَة وخـرج المشركـون إلى جبل قعيقِعَان وأقام المسلمون بمكّة ثلاثاً، فلمّا كان اليوم الرّابع خرجوا من مكّة نحو المدينة .

غزوة خيبر [سنة 7 هـ ]  
بعد إجلاء قبيلتي بني قينقاع والنضير عن المدينة إنضمّوا إلى يهود خيبر فشكّلوا بذلك تجمّعاً كبيراً جعلهم يكيدون بالدولة الإسلاميّة المكائد تلو الأخرى لا يتركون فرصة إلّا ويغتنمونها لإنزال الأذى بالمسلمين سرّاً وعلانيّةً مّما صيّرها مصدر خطر حقيقيّ على المسلمين، وفي السنة السابعة للهجرة كتب إليهم النبيّ يدعوهم إلى الإسلام فلم يستجيبوا، فكان لا بدّ من الوقوف أمامهم ودرء خطرهم  المحدق بالإسلام .
فتوجّه الجيش الإسلاميّ نحو حصون خيبر الثمانية وأوّل حصن فتحه المسلمون هو حصن ناعم‏ لمرحب اليهوديّ الذي كان يُعدّ بألف‏، بارزه الإمام علي بن أبي طالب × فقتله ففتح الله تعالى على يديه ، ثمّ فُتحت الحصون الأخرى على التوالي ، وبذلك أحقّ الله الحقَّ وأزهق الباطل .  

غزوة فتح مكّة [سنة 8 هـ ]  
كان من بنود صلح الحديبية أنَّ مَن دخل في حلف أحد الطرفين لايحقّ للطرف الآخر الإعتداء عليه،وقد دخلت خزاعة في عهد النبيّ ودخلت بنو بكر في عهد قريش, وحصل غدرٌ من بني بكر, حيث أغاروا على خزاعة ليلاً, فأصابوا منهم رجالاً, واقتتلوا, وأعانت قريش بني بكر بالسلاح, بل وقاتل رجال منهم مع بني بكر مستغلّين ظلمة الليل,وانطلق عمرو بن سالم الخزاعيّ إلى النبيّ مستغيثًا ومستنجدًا فقال له: (نُصِرْتَ يَا عَمْرو بن سَالِمٍ) .
وسرعان ما أحسّت قريش بخطئها وغدرها, فخافت من عواقبه الوخيمة, فبعثت قائدها أبا سفيان ليجدّد الصلح, إلّا أنّه عاد أدراجه إلى مكّة ولم يصب مطلوبه, وبعد ذلك تجهّز النبيّ وأمر أصحابه بالجهاز, فدخل مكّة في السنة الثامنة للهجرة مسجّلاً أروع المواقف اللإنسانيّة المتّسمة بالرّحمة والعفو والصفح .

غزوة حنين [سنة 8 هـ ]
فزعت القبائل المجاورة لقريش من انتصار المسلمين في فتح مكّة ، وعلى رأس تلك القبائل هوازن وثقيف واستعانت هاتان القبيلتان بالقبائل المجاورة فأعدّوا جيشاً قوامه عشرون ألفاً بقيادة مالك بن عوف سيّد بني هوازن.
لمّا علم الرسول بذلك خرج إليهم مع أصحابه في السنة الثامنة للهجرة ، وكان عدد المسلمين إثني عشر ألفاً، أقبلوا حتّى نزلوا بوادي حنين السحيق ، واشتدّ القتال، وأشرف الرسول على المعركة ، وما هي إلّا ساعة حتّى انهزم المشركون ، و ولّوا الأدبار.

غزوة الطائف [سنة 8 هـ ]
وكان سببها أنّ ثقيفا اشتركت مع هوازن في قتال المسلمين، ولمّا منيت هوازن بالهزيمة هربوا مع مَن أعانهم مِن ثقيف إلى الطائف متحصّنين في قلاعها وحصونها، فتوجّه النبيّ بالمسلمين إلى الطائف، وحاصرهم فتمكّن المسلمون من إبادة مزارعهم ولمّا احسّت ثقيف بالخطر ناشدت النبيّ الكفّ عن ذلك ، فاستجاب لهم في خطوةٍ تبيّن الروح الإنسانيّة العالية والخلق الرّبانيّ الرفيع الذي كان يتحلّى به المصطفى. 
ثمّ انصرف عنهم راجعاً إلى المدينة ودعا حين ركب قائلاً: (اللَّهُمَّ اهْدِهِمْ وَ اكْفِنَا مَؤونَتَهُم )، وقبل انصرام السنة جاء وفدٌ من ثقيف إلى المدينة ودخلوا على النبيّ معلنين إسلامهم، وذلك في شهر رمضان المبارك. 

معركة مؤتة [سنة 8 هـ ]
بَعَث النبيّ الحارث بن عُمَيْر الأزديّ بكتاب إلى عظيم بُصْرَى‏،‏ فعرض له شُرَحْبِيل بن عمرو الغسانيّ فأوثقه ثمّ قدّمه فضرب عنقه‏.
و يُعتبر قتل السفراء من أشنع الجرائم ، التي تزيد على إعلان الحرب، فجهّز النبيّ جيشاً قوامه ثلاثة آلاف مقاتلاً ،وأمَّر زيد بن حارثة وقال‏:‏ ‏(‏ إِنْ قُتِلَ زَيْدٌ فَجَعْفَرُ ، وَ إِنْ قَتِلَ جَعْفَر فَعَبْدُ اللَّهِ بْن رَوَاحَةَ ‏) فالتقى الجمعان في مؤته ، واقتتلوا قتالاً شديداً ، وكان اللواء يومئذ مع زيد بن حارثة فقاتل به حتّى شاط في رماح القوم ثمّ أخذه جعفر فقاتل به قتالاً شديداً حتّى قتل ، ثمّ أخذ اللواء عبد الله بن رواحة فقتل ، ثمّ أخذ اللواء خالد بن الوليد فناوش القوم وراوغهم حتّى انحاز بالمسلمين منهزماً ، ونجا بهم من الروم‏ .‏

غزوة ذات السلاسل [سنة 8 هـ ] 
علم النبيّ بأنّ أثنا عشر ألف مشرك تحالفوا واجتمعوا في منطقة  وادي اليابس يريدون التوجّه إلى المدينة للقضاء على الإسلام ، وقدكتب الله للمسلمين النصر في هذه المعركة على يد أمير المؤمنين عليه السلام فنزلت سورة العاديات.

غزوة تبوك [سنة 9 هـ ] 
في أعقاب فتح مكّة وانتصار الرسول في الطائف، وصلت أخبار من  بلاد الروم تفيد أنّ ملك الروم - وحلفاءه من العرب من لَخْم ، وَجُذَام ، وَغَسّان ، وَعَامِلَة - قد هيّأ جيشاً قوامه يزيد على المائة ألف لمهاجمة الدولة الإسلاميّة قبل أن تصبح خطراً على دولته.
قرَّر النبيّ أن يُعبِّئ المسلمين في سنة الْعُسْرَةِ –حيث كان المسلمون في ضَنَكٍ من العيش، وكان الجوّ حاراً- فتعبَّأ الجيش، وخرجوا؛ حتّى لا يُباغتهم الروم فخرج النبيّ من المدينة مستخلفاً عليّاً عليه السلام فلمّا زحف الجيش الإسلاميّ ونزل بتبوك،سمع الرومان وحلفاؤهم بذلك فأخذهم الرعب فلم يجترئوا على القتال، بل تفرّقوا ، فكان لذلك أحسن أثر على المسلمين وسمعتهم العسكريّة، في داخل الجزيرة وأرجائها النائية، ثمّ رجع المسلمون من تبوك مظفّرين منصورين.
وممّا يؤكّد الطبيعة الدفاعيّة السلميّة لجيش المسلمين أنّ النبيّ لمّا علم أنّ الروم قد انصرفت؛ انصرف عنهم ولم يحاربهم ويلاحقهم ، ولو كان غرضه الحرب لكانت تلك فرصة سانحة لأنْ يتعقَّبهم.

تجهيز جيش أُسامة [سنة 11 هـ ]
قُبَيْل رحيل النبيّ ببضعة أيّام جهّز جيشاً بإمرة اُسامة بن زيد بن حارثة ، وأصرّ على إرساله فكان | يردّد وهو على فراش لقاء ربّه : (أنْفِذوا بَعْثَ أُسَامَة ، أنْفِذوا بَعْثَ أُسَامَة ) حتّى لعن من تخلّف عنه، وهذا التأكيد النبويّ على الإسراع في تحرّك هذا الجيش يكشف بوضوح عن مدى الأهميّة البالغة لخروج هذا الجيش  في حفظ مستقبل الدعوة الإسلاميّة لاسيّما والنبيّ يوشك أنْ يرحل إلى الرفيق الأعلى ، ممّا جعل البعض يتخلّف عن هذا الجيش تحت ذرائع شتّى منها : الطعن في إمارة زيد بن اُسامة،ومنها:عدم مقدرة ترك النبيّ ‘ بهذه الحالة وسوال الركبان عنه، وغير ذلك.
نعم إنَّ الهدف المعلن من تجهيز هذا الجيش هو القصاص من قتلة زيد بن حارثة  (الذي قُتل دفاعاً عن العهود والمواثيق)  كما جاء في نصّ كلام النبيّ لأسامة حيث قال له : (أغْزُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَ سِرْ إِلَى مَوْضِعِ مَقْتَل أَبِيكَ فَقَدْ وَلَّيْتُكَ هَذَا الْجَيْشِ) وفي نصّ آخر: ( وأمره أنْ يَغِير على مُؤتة حَيْث قُتِل أبوه زَيْد ) 
فاتّضح: أنّ الرسول لم يهاجم أحداً، ولم يبتدئ بحربٍ إلّا ما كان دفاعاً أو وقايةً،  بل كانت حروبه كلّها ضِمْن هذين الإطارين، ولذلك رغب الناس في الإسلام ودخلوا في دين الله أفواجاً، لأنّهم عرفوا أنّ الإسلام دين سلم وسلام.

 شبهة قيام الإسلام بالسيف 
دأبَ أعداءُ الحقّ على اشاعة الافتراءات ضدّ شريعة الله الحقّة، وتزيف الحقائق ، منْذ الصدر الأوّل وإلى يومنا هذا ،ومِنْ تلكَ الأباطيل إتّهام الإسلام بأنّه قام بحدّ السيف، وأنّه لم يدخل فيه معتنقوه اختياراً وطوعاً بل إكراهاً وجبراً، وقد اتّخذَ هؤلاء  من تشريع الجهاد في الإسلام وسيلةً لهذا التجنّي الآثم ،إلّا أنّ مَنْ له أدنى اطّلاع على المبادئ الإسلاميّة يرى البونَ الكبير بين تشريع الجهاد وبين إكراه الناس على الإسلام  فشتّان ما بينهما نظراً إلى أنّ تشريع الجهاد لم يكن لإ دخال الناس في الإسلام كرهاً، وإنّما كان لحكمة سامية، وأغراض شريفة، وهي حماية الدعوة، وردّ العدوان، وحفظ حرّية الإنسان في عبادة الله تعالى، مضافاً إلى كونه ينطلق من حقّ الإنسان في الدفاع عن نفسه وعرضه وماله ومعتقده، وهذا ما أقرّته جميع الشرائع السماويّة، والأممّ المتّحدة، وما تسالم عليه جميع الشعوب في العالم .
وهذه الافتراءات لم يعدْ لها أيّة قيمة عندما نقرأ التأريخ الإسلاميّ بنظرةٍ فاحصةٍ، حيث نجد أنّ الإسلام مضافاً الى عدم إكراه الآخرين على اعتناقه والدخول فيه كان يرى لباقي الأديان حقّ التعايش السلميّ، وهذا مايُرشد إليه الكثير من الآيات القرآنيّة إلى جانب الأحاديث النبويّة، فهما يكذّبان هذه الفِرْيَة، ويستأصلانها من جذورها، فقد جاء في سبب نزول قوله تعالى: {لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ}: أنّ رجلاً من الأنصار كان له ولدان  مسيحيّان يقطنان خارج المدينة، ولمّا قدما المدينة، لزمهما أبوهما، وقال: لا أدعكما حتّى تُسلِما، فأَبَيَا أنْ يُسلما؛ فاختصموا إلى النبيّ فقال الأنصاريّ: يا رسول الله، أيدخل بعضي النار وأنا أنظر؟ فأنزل الله تعالى: {لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ}  فخلَّى سبيلهما.
نعم إنّ الإسلام  أوكَلَ قضيّة الإيمان أو عدمه إلى قناعة الإنسان نفسه ومشيئته، فقال سبحانه: {وَقُلِ الْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ فَمَن شَاء فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاء فَلْيَكْفُرْ}.
لقد وجّه الله تعالى الخطاب لنبيّه قائلاً: {أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ}.
ولو كانَ هناكَ إكراه على اعتناقِ الإسلام لما بقي غير مسلم في الجزيرة العربيّة، في حين أننّا نجد المسيحييّن واليهود وغيرهم من سائر الأديان في داخل معظم بلاد العالم الإسلاميّ.

موقف الإسلام إزاء الوثنيّين والملاحدة
إنّ الإسلام لم يُكره أحداً من أهل الكتاب على اعتناقه ، وأمّا الوثنيّون والملاحدة ممّن لا يعتقدون بإلهٍ، ولا لهم شريعة ،ولا يعترفون بنظام يمكن إدانتهم وإلزامهم من خلاله، فإنّهم بذلك يشكّلون خطراً كبيراًعلى البشريّة لعدم وقوف أيّ رادعٍ من قانون أو عرف أمام رغباتهم وجشعهم وعدوانيّتهم ممّا يحوّل حياة الإنسان إلى شريعة الغاب !كما جرى من المغول (قبل إسلامهم)  حيث كانوا يجتاحون البلدان والمدن بالقوّة ويهلكون الحرث والنسل، لذلك كان من واجب الإسلام إمّا هدايتهم من خلال النصح والإرشاد أو الوقوف أمامهم بأيّ وسيلةٍ ممكنةٍ .

عدد قتلى حروب صدر الإسلام
إنَّ التأريخ الإسلاميّ  (منذ الصدر الأوّل)  المتمثّل بسيرة الرسول الأعظم والذي يُعدّ الجانب التطبيقيّ للإسلام - حافلٌ بمواقف مشرّفةٍ وخالدةٍ دالّة على تأصّل السلم والتسامح في منهجيّة الإسلام ورفض العُنْف والخرق إذ لم يحدّثنا التأريخ أنّ الرسول ابتدأ بالحرب، ولا دعا إليها إطلاقاً، إلّا ما كان دفاعاً أو ردعاً للعنف. 
ومِنْ هنا: نُلاحظ قلّة الضحايا في المواجهات التي فُرضت على المسلمين فبالرّغم مِن أنّها  كانت تربو على الثمانين واقعة إلّا أنّ  عدد القتلى من الطرفين لم يتجاوز الألف وبضعة قتلى على أقصى التقادير ، مع أنّ الرسول استطاع أنْ يبني دولةً مقتدرةً، ويُقيم حكماً راسخاً، ويُكوّن أمّةً عظيمةً، ويَتقدّم تقدّماً هائلاً لم يشهد له العالم ـ انذاك ـ مثيلاً.
وقد أثبت التأريخ أنّ أغلب القبائل العربيّة دخلت الإسلام في زمن السلم، وما انضمام الأوس والخزرج الى الإسلام بدون حرب إلّا دليل  واضح على منهجيّة الإسلام السلميّة.

اعترافاتُ المفكرين الغربييّن بعظمةِ الإسلام
لقد أكّدَ الكثيرُ مِنْ منصفي مفكّري الغرب عظمة نبيّ الإسلام وسموّ تعاليمه، مفنّدينَ الادّعاءات الباطلة الظالمة التي طالما يردّدها المبشّرون المستشرقون ضدّ الإسلام، ولنذكر طائفة من أقوالهم: 

توماس كارْلَيل (1795 -  1881 م )  
يقول: إنّ  اتّهامَ  نبيَّ  الإسلام  بالتعويل على السيفِ في حملِ الناسِ على الاستجابةِ لدعوته سُخْفٌ غيرُ مفهوم ؛ إذْ ليس ممّا يجوزُ في الفهم أنْ يشهر رجلٌ فردٌ سيفه ليقتل به الناس، أو يستجيبوا له، فإذا آمن به من يقدرون على حرب خصومهم، فقد آمنوا به طائعين مصدّقين، وتعرضوا للحرب من غيرهم قبل أنْ يقدروا عليها. 

برناردشو الكاتب والأديب الأيرلنديّ (1817- 1902م) 
قال: إنّ العالم أحوج ما يكون إلى رجلٍ في تفكير محمّد، هذا النبيّ الذي وضع دينه دائماً موضع الاحترام والإجلال؛ فإنّه أقوى دين على هضم جميع المدنيّات، خالداً خلود الأبد، وإنّي أرى كثيراً من بني قومي قد دخلوا هذا الدين على بيِّنة، وسيجد هذا الدين مجاله الفسيح في هذه القارّة (يعني أوروبا) إنَّ رجال الدين في القرون الوسطى، ونتيجةً للجهل أو التعصُّب، قد رسموا لدين محمّدٍ صورةً قاتمةً، لقد كانوا يعتبرونه عدوّاً للمسيحيّة، لكنّني اطّلعت على أمر هذا الرجل فوجدته أعجوبةً خارقةً، وتوصلّت إلى أنّه لم يكن عدوّاً للمسيحيّة، بل يجب أنْ يسمّى منقذ البشريّة، وفي رأيي أنّه لو تولّى أمر العالم اليوم لوفّق في حلّ مشكلاتنا بما يؤمّن السلام والسعادة التي يرنو البشر إليها.

السير وليم موير(1819 - 1905 م)
يقول في كتابه (تاريخ محمّد): إنّ محمّداً نبيّ المسلمين لقّب بالأمين منذ الصغر بإجماع أهل بلده لشرف أخلاقه وحسن سلوكه، ومهما يكن هناك من أمر فإنّ محمّداً أسمى من أنْ ينتهي إليه الواصف، ولا يعرفه مَن جهله، وخبير به من أمعن النظر في تأريخه المجيد، ذلك التأريخ الذي ترك محمّداً في طليعة الرُسل ومُفكري العالم.

المستشرق سنرستن الآسوجي (ولد عام 1866م)
 يقول: إنّنا لم ننصف محمّداً إذا أنكرنا ما هو عليه من عظيم الصفات وحميد المزايا، فلقد خاض محمّد معركة الحياة الصحيحة في وجه الجهل والهمجيّة، مصرًّا على مبدئه، وما زال يحارب الطغاة حتّى انتهى به المطاف إلى النصر المبين، فأصبحت شريعته أكملَ الشرائع، وهو فوقَ عظماءِ التأريخ. 

المستشرق الأمريكي مستر سنكس (1831- 1883م) 
يقول: ظهر محمّد بعد المسيح بخمسمائة وسبعين سنة، وكانت وظيفته ترقية عقول البشر بإشرابها الأصول الأوليّة للأخلاق الفاضلة، وبإرجاعها إلى الاعتقاد بإله واحد، وبحياة بعد هذه الحياة. وقال: إنّ الفكرة الدينيّة الإسلاميّة أحدثت رقيّاً كبيراً جداً في العالم، وخلّصت العقل الإنسانيّ من قيوده الثقيلة التي كانت تأسره حول الهياكل بين يدي الكهّان، ولقد توصّل محمّد (بمحوه كلّ صورة في المعابد وإبطاله كلّ تمثيل لذات الخالق المطلق) إلى تخليص الفكر الإنسانيّ من عقيدة التجسيد الغليظة. 

الأديب الروسيّ تولستوى، لئو ن يكولايويج (1828-1910م) 
يقول: يكفي محمّداً فخراً أنّه خلّص أمّة ذليلةً دمويّةً من مخالب شياطين العادات الذميمة، وفتح على وجوههم طريقَ الرُّقي والتقدم، وأنّ شريعةَ محمّدٍ ستسودُ العالم لانسجامها مع العقل والحكمة. 
والباحث في هذا المجال يقف على الكثير من الشهادات والاعترافات من قبل منصفي النصارى العرب تجاه الرسول | والدين الإسلاميّ، منهم: ( الاُستاذ نجيب نصّار)، و( خليل إسكندر القبرصيّ)، و(عبد الله بوركي حلّاق)، و(لبيب الرياشيّ) وغير هؤلاء ممّن حكّم العقل والمنطق وغلّبَهُما على العاطفة والهوى.
 وهناك شهادة ممّن اعتنق الدين الإسلاميّ، مثل اُستاذ علم الأجناس البشريّة (الدكتور عمر دولم بارون النمساويّ)، و(محمّد إسكندر راشيل ) و(عمر ميتا اليابانيّ ) وهو من رجال الإقتصاد وباحث إجتماعي وواعظ، و(محمّد سليمان تاكيوتشي اليابانيّ) وهو عضو لجمعيّة علم الأجناس البشريّة اليابانيّة و (إبراهيم فو الملاويّ) و(محمود جونار ايريكون السويديّ) و المستشرق الدكتور( عبد الكريم جرمانوس المجريّ) واللورد (هيدلي) والشيخ (عبد الله كوليام ) وغيرهم ممّن عرفوا وفهموا وعقلوا حقيقة الإسلام ورسوله وعلموا علم اليقين أنْ لا نجاة للبشر ولا سعادة إلّا بدين الإسلام والسير على منهج رسوله.
نعم، ليس من المعقول أنّ شريعةً شعارها: (لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ ) تقوم بالسيف .. !؟ ودونك كتب التأريخ لتتصفّحها وترى أنّ حروب الإسلام ابتدأت في السنة الثانية من الهجرة ـ وكان الهدف منها هو القضاء على أولئك الذين كانوا يتربّصون بالإسلام الدوائر، وانتهت تلك الحروب في السنة التاسعة، ومن اللّافت للنظر أنّ مجموع من استشهد من المسلمين بإضافة قتلى الكفّار لم يتجاوز عددهم الفَ شخص! في حين أنّ الحربين العالميتين اللتين أشعل فتيلهما الغرب قدّمتا قرابة (75) مليون ضحيّةً  !!؟.
إنّ من نظر في تأريخ النبيّ وسيرته يرى  (بما لاشكّ ولاشبهة فيه) أنّه كان يغضب لأيّ حالة إعتداء وانتهاك للحقوق ، بل كان يبرأ إلى الله تعالى من ذلك كما تبرّأ من صنع خالد بن الوليد في حادثة (يوم الغميصاء) حيث بعثه إلى بني خزيمة ليدعوهم إلى الإسلام فقتلهم ولمّا بلغه خبرهم دعا عليَّ بن أبي طالب عليه السلام فقال: يا علي اخرج إلى هؤلاء القوم فانظر في أمرهم واجعل أمر الجاهليّة تحت قدميك ، فخرج حتّى جاءهم ومعه مال قد بعثه رسول الله به فَوَدَى لهم الدماءَ وما أصيب من الأموال حَتَّى إنَّهُ أَدَّى لَهُمْ مِيلَغَةَ الْكَلْبِ حتّى إذا لم يبق شئ من دمٍ ولا مالٍ إلّا وَدَاه، بقيت معه بقيّة من المال فقال لهم عليٌّ عليه السلام حين فرغ منهم :هل بقى لكم دم أو مال لم يود إليكم ؟ قالوا: لا ، قال: فإنّي أعطيكم هذه البقيّة من هذا المال احتياطاً لرسول الله ممّا لا يعلم ولا تعلمون ففعل.
 ثمّ رجع إلى رسول الله فأخبره الخبر فقال: أصبتَ وأحسنتَ،ثمّ قام رسول الله فاستقبل القبلة قائماً شاهراً يديه حتّى إنّه ليُرى بياض ما تحت منكبيه وهو يقول:( اللَّهُمَّ إِنِّي أَبْرَأ إِلَيْك مِمَّا صَنَعَ خَالِد) ثلاث مرّات.

المصدر:کتاب السلم و اللاعنف في الاسلام و امتدادهما في النهضة الحسینیة تألیف سماحة السید قاسم الجلالي

  طباعة  ||  أخبر صديقك  ||  إضافة تعليق  ||  التاريخ : 2022/03/11  ||  القرّاء : 866



أوقات الصلاة اليومية :




لندن - London


الإمساك : 4:05
الفجر : 4:15
الشروق : 5:56
الظهر : 13:00
الغروب : 8:04
المغرب : 8:19


مواقيت الصلاة السنوية :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

  • برمينغهام Birmingham
  • برايتون Brighton
  • كارديف Cardiff
  • غلازغو Glasgow
  • هال Hull
  • ليدز Leeds
  • ليفربول Liverpool
  • لندن London
  • مانشستر Manchester
  • نورويتش Norwich
  • بليموث Plymouth
  • بورتسموث Portsmouth
  • شفيلد Sheffield
  • ساوثهامبتون Southampton
  • سوانزي Swansea

جديد الموقع :



 ثقافة العيد طبقاً للرؤية القرانية/العيد يعني كسب ( فضل الله) و( رحمته) / سماحة العلامة السيد قاسم الجلالي / المركز الاسلامي سري/ 15.4.2024

 خطبة الجمعة / حماية المنجزات ليس النجاحُ بالانجاز بل بالحفاظ عليه / سماحة العلامة السيد قاسم الجلالي / المركز الاسلامي سري/ 12.4.2024

 خطبة العید / لماذا نَحتفلُ بالعيد؟معلوماتٌ ضروريّةٌ يَجْدرُ الإطلاع عليها / سماحة العلامة السيد قاسم الجلالي/ المركز الاسلامي في سري/ 10.4.2024

 زكاة الفطرة واحكامها / سماحة العلامة السيد قاسم الجلالي/ 9.4.2024

 الايات القرانية في علم النفس/ سماحة العلامة السيد قاسم الجلالي/ المركز الاسلامي في سري/ 8.4.2024

 عجائب قضاء امير المومنين الامام علي عليه السلام/ سماحة العلامة السيد قاسم الجلالي/ المركز الاسلامي في سري/ 7.4.2024

 واجعل لي لسان صدق في الاخرين/ سماحة العلامة السيد قاسم الجلالي/ المركز الاسلامي في سري/ 6.4.2024

 خطبة الجمعة / الإفساد في الأرض مرّتين وتحقّق الوعد اللهيّ بالإنتقام / سماحة العلامة السيد قاسم الجلالي / المركز الاسلامي سري/ 5.4.2024

 تَشابهُ أشْقى الأولين و أشقى الآخرين/ استشهاد الامام علي(ع) / سماحة العلامة السيد قاسم الجلالي/ مركز اهل البيت ومبلي / 2024/3/31

 اعلان مجلس استشهاد الامام علي علیه السلام و احیاء لیلة القدر الثانیة

مواضيع متنوعة :



 مسير سبايا آل الرسول |مجلس الأربعينية

 تذييلٌ في بحثِ الإمامةِ

 مناسك الراغبين - عمرة التمتع و واجباتها - فلسفة و معنى التلبية - الحلقة 13- سماحة العلامة السيد قاسم الجلالي

 Christmas holiday special youth program

 هل الوباءُ تأديبٌ للظالمين ، أمْ إمتحانٌ للمؤمنين

 التوحید

 ليلة استشهاد الامام علي عليه السلام / سماحة العلامة السيد قاسم الجلالي/ المركز الإسلامي في سري / 11.04.2023

 اثار معرفة النفس وفوائدها /سماحة السيد قاسم الجلالي

 الدفاع عن ساحة الامام الحسن المجتبى (ع)/شهر رمضان المبارك ١٤٤٢

 مجلس موكب الامامين الكاظميين في لندن / سماحة السيد قاسم الجلالي / مرکز الامام الخوئي / 16.2.2023

إحصاءات :

  • الأقسام الرئيسية : 4

  • الأقسام الفرعية : 31

  • عدد المواضيع : 552

  • التصفحات : 565397

  • التاريخ : 19/04/2024 - 20:26