• الصفحة الرئيسية

حول المركز :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

  • التعريف بالمركز (2)
  • نشاطات المركز (1)
  • إعلانات المركز (49)
  • التواصل (1)

بحوث علمية :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

  • البحوث القرآنية (4)
  • بحوث نهج البلاغة (20)
  • البحوث العقائدية (15)
  • البحوث التاریخیة (14)
  • البحوث الفقهية (7)
  • البحوث الأصولیة (18)

المحاضرات (مرئیات) :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

  • شهر محرم و صفر (56)
  • شهر رمضان المبارك (67)
  • مناسك الحج (47)
  • الادعیة (15)
  • البث الفضائي (34)
  • الحوارات و الندوات (4)
  • الدروس الحوزویة (2)
  • التفسیر (9)
  • مجالس التأبین (4)
  • متفرقات (34)
  • مجالس استشهاد المعصومین (30)
  • مجالس میلاد المعصومین و الاعیاد (34)
  • صلاة الجمعة (90)
  • صلاة العیدين (4)

حقل الصور :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

  • رمضان المبارك (5)
  • محرّم الحرام (0)
  • نشاطات عامّة (6)
  • صفر المظفّر (0)
  • ولادات المعصومین (7)
  • وفیات المعصومین (3)
  • صلاة الجمعة و العیدین (6)

البحث :


  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية
  • أرشيف المواضيع
  • إتصل بنا
  • القسم الرئيسي : بحوث علمية .

        • القسم الفرعي : البحوث العقائدية .

              • الموضوع : الأصلُ الرّابعُ: الإمَامَةُ .

الأصلُ الرّابعُ: الإمَامَةُ

مبحثُ الإمامةِ 
اعلم، أنّ الإمامةَ المطلقةَ تثبتُ بإثباتِ النبوّةِ المطلقةِ ; لأنّ نفسَ علّة الاحتياجِ إلى الوجودِ المقدّسِ للنبيِّ بعينها علّةُ الاحتياجِ للوصيِّ ;اذْ أنَّ نظمَ العالمِ وأُمورِ دينِ الناسِ ودنياهم متوقّفةٌ على وجودِ شخص منصوب منْ قبلِ اللهِ تعالى كيْ يرجع إليه الناسُ بعد الرسول(صلى الله عليه وآله) ، وأنّ نصب الإمام(عليه السلام) هُوَ لطفٌ ، واللّطفُ واجبٌ عليه تعالى .
أمّا أمير المومنينَ عليُّ بنُ أبي طالب(عليه السلام)، فقدْ كانَ آيةً منْ آياتِ اللهِ الكبرى ، وكانَ خارِقاً للعادةِ في كمالِ العقلِ، ووفورِ العلمِ، ومعرفةِ اللهِ ورسولِهِ(صلى الله عليه وآله) .
وأمّا زهدُهُ وَعِبادَتُه وعلمُهُ وشجاعتُهُ، فقدْ اعْتَرَفَ بِها الجميعُ حتّى أعداؤهُ ، وقدْ علّمَهَ رسولُ اللهِ(صلى الله عليه وآله) ما علّمَه اللهُ تعالى له(صلى الله عليه وآله) فقدْ علّمهُ علمَ ما كانَ وما يكونُ ، وكانَ(عليه السلام)أشجعَ من كلّ شجاع ، وكانَ عالماً بعدَ النبيّ(صلى الله عليه وآله) بكلّ شيء ، وَكلُّ هذِه عَلامَاتٌ قاهرةٌ، وآياتٌ ظاهرةٌ على أفضليّته، كحلمهِ وصبرهِ، وتَحمّله ومعاناته، وطول جهاده، وتجرّعه الأذى، والظلم، والحيف إلى جانب ورعه وتقاه، وتعفّفه ونسكه ونبذه للدُّنيا وزخرفها.
وكانتْ ولادتُه في البيتِ الحرامِ ولمْ يولدْ فيه أحدٌ قبله ولا بعده قَطُّ .
ولَمَّا اُسْتشْهِدَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ(عليه السلام)وَ كَانَ مِنَ الْغَدِ قَامَ الْحَسَنُ(عليه السلام) خَطِيباً عَلَى الْمِنْبَرِ، فَحَمِدَ اللَّهَ، وَ أَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ: «أَيُّهَا النَّاسُ، فِي هَذِهِ اللَّيْلَةِ نَزَلَ الْقُرْآنُ، وَ فِي هَذِهِ اللَّيْلَةِ رُفِعَ عِيسَى بْنُ مَرْيَمَ، وَ فِي هَذِهِ اللَّيْلَةِ قُتِلَ يُوشَعُ بْنُ نُون، وَ فِي هَذِهِ اللَّيْلَةِ مَاتَ أَبِي أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ، وَ اللَّهِ; لاَ يَسْبِقُ أَبِي أَحَدٌ كَانَ قَبْلَهُ مِنَ الاَْوْصِيَاءِ إِلَى الْجَنَّةِ وَ لاَ مَنْ يَكُونُ بَعْدَهُ، وَ إِنْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ(صلى الله عليه وآله)لَيَبْعَثُهُ فِي السَّرِيَّةِ فَيُقَاتِلُ جَبْرَئِيلُ عَنْ يَمِينِهِ وَ مِيكَائِيلُ عَنْ يَسَارِهِ، وَ مَا تَرَكَ صَفْرَاءَ وَ لاَ بَيْضَاءَ إِلاَّ سَبْعَمِائَةِ دِرْهَم فَضَلَتْ مِنْ عَطَائِهِ كَانَ يَجْمَعُهَا لِيَشْتَرِيَ بِهَا خَادِماً لاَِهْلِهِ 
كانَ مستمرّاً في نشرِ معالمِ الدِّينِ منِ القرآنِ والسنّةِ، والحكمِ بالعدلِ، والأمرِ بالإحسانِ ، وقدْ كانَ إلى جانبِ النبيِّ(صلى الله عليه وآله) قبلَ هجرتهِ في محنتهِ، ومتحمّلاً عنه جميعَ الأثقالِ ، وقدْ جاهدَ بعدَ الهجرِة المشركينَ ، وكانَ يضربُ بالسيفَ حتّىَ قالوَا : لا إلهَ إلاّ اللّهُ .
لقدْ جمعَ أميرُ المؤمنين(عليه السلام) جميعَ صفاتِ الكمالِ الحاصلةِ لجميعِ الأنبياءِ، والشرائطِ المعتبرةِ للإمامة، فكلّها موجودةٌ فيه بنحو أكمل ، والدَلائل الدالّةُ على إمامته كثيرةٌ ، ومراعاةً للاختصار نذكر بعض الآياتِ والأحاديثِ .

الآياتُ النازلةُ بشأنِ أميرِ المؤمنين(عليه السلام)
الآياتُ النازلةُ بشأنِ أميرِ المؤمنين(عليه السلام) كثيرةٌ ، وقد اتّفقَ أهلُ السنّةِ والجماعةِ على بعضها في كونها نزلت بشأنِ أميرِ المؤمنين(عليه السلام) ، ونشيرُ إليها بالإجمال :
الآية الأُولى : قوله تعالى : (إِنَّما وَلِـيُّـكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِـيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ راكِعُونَ).
الآية الثانية : (يا أَ يُّها الَّذِينَ آمَنُوا اتَّـقُوا اللّهَ وَكُونُوا مَعَ الصّادِقِـينَ)  .
الآية الثالثة : (إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْم هاد)  .
الآية الرابعة : (أَفَمَنْ كانَ عَلى بَـيِّنَة مِنْ رَبِّهِ وَيَتْلُوهُ شاهِدٌ مِنْهُ)  .
الآية الخامسة : (وَ إِذِ ابْتَلى إِبْراهيمَ رَبُّهُ بِكَلِمات فَأَتَـمَّـهُنَّ قالَ إِنِّى جاعِلُكَ لِلنّاسِ إِماماً قالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِـى قالَ لا يَنالُ عَهْدِى الظّالِمِـينَ)  .
الآية السادسة : (أَفَمَنْ يَهْدِى إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُـتَّـبَعَ أَمَّنْ لا يَـهِدِّى إِلاّ أَنْ يُـهْدى فَما لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ)  .
الآية السابعة : (قُلْ هَلْ يَسْتَوِى الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ إِنَّما يَتَذَكَّرُ أُولُوا الأَلْبابِ)  .
الآية الثامنة : (يَرْفَعِ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا العِلْمَ دَرَجات)  .
الآية التاسعة : (يا أَيُّها الَّذِينَ آمَنُوا أَطِـيعُوا اللّهَ وَأَطيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِى الأمْرِ مِنْكُمْ)  .
الآية العاشرة : (النَّبِىُّ أَوْلى بِالمُـؤْمِنِـينَ مِنْ أَنْفُسِـهِمْ وَأَزْواجُهُ أُمَّهاتُهُمْ وَأُولُوا الأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْض فِى كِتابِ اللّهِ مِنَ المُـؤْمِنِـينَ وَالمُهاجِرِينَ)  .
الآية الحادية عشرةَ : (وَأَنْـذِرْ عَـشِـيرَتَكَ الأَقْـرَبِينَ)  .
الآية الثانية عشرةَ : (فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَأَبْناءَكُمْ وَنِساءَنا وَنِساءَكُمْ وَأَنْفُسَنا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَةَ اللّهِ عَلى الكاذِبِـينَ)  .
الآية الثالثة عشرةَ : (يا أَيُّها الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَ إِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ وَاللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النّاسِ)  .
الآية الرابعة عشرةَ : (قُلْ لاأَسْأَلـُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاّ المَوَدَّةَ فِى القُرْبى)  .
الآية الخامسة عشرةَ : (يا أَيُّها الَّذِينَ آمَنُوا إِذا ناجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَىْ نَجْواكُمْ صَدَقَةً ذ لِك َ خَيْرٌ لَكُمْ وَأَطْهَرُ فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فَإِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَحِـيمٌ)  .
الآية السادسة عشرةَ : (إِنَّما يُرِيدُ اللّهُ لِـيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ البَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِـيراً)  .
الآية السابعة عشرةَ : (وَمِنَ النّاسِ مَنْ يَشْرِى نَفْسَهُ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللّهِ وَاللّهُ رَؤُفٌ بِالْعِبادِ)  .
الآية الثامنة عشرةَ : سورة هل أتى لا سيما قوله تعالى : (يُوفُونَ بِالنَّذرِ وَيَخافُونَ يَوْماً كانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيراً * وَيُطْعِمُونَ الطَّعامَ عَلى حُبِّهِ مِسْكِـيناً وَيَتِيماً وَأَسِـيراً * إِنَّما نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللّهِ لا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزاءً وَلا شُكُوراً)  .
الآية التاسعة عشرةَ : (وَالسّـابِقُونَ السّـابِقُونَ * أُولـئِكَ المُقَـرَّبُونَ)  .
الآية العشرون : (وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَسْتَ مُرْسَلاً قُلْ كَفى بِاللّهِ شَهِـيداً بَيْنِى وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الكِتابِ)  .
الآية الحادية والعشرون : (أَجَعَلْتُمْ سِقايَةَ الحاجِّ وَعِمارَةَ المَسْجِدِ الحَرامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَاليَوْمَ الآخِرِ وَجاهَدَ فِى سَبِـيلِ اللّهِ لا يَسْتَوُونَ عِنْدَ اللّهِ وَاللّهُ لا يَهْدِى القَوْمَ الظّالِمِـينَ)  .
الآية الثانية والعشرون : (وَكَفَى اللّهُ المُـؤْمِنِـينَ القِتالَ وَكانَ اللّهُ قَوِيّاً عَزِيزاً).
وأيضاً: (مِنَ المُـؤْمِنِـينَ رِجالٌ صَدَقُوا ما عاهَـدُوا اللّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَما بَـدَّلُوا تَبْدِيلاً).
الآية الثالثة والعشرون : (فَإِمّا نَذهَبَنَّ بِكَ فإِنّا مِنْهُمْ مُنْتَقِمُونَ * أَوْ نَرِيَنَّكَ الَّذِى وَعَدْناهُمْ فَإِنّا عَلَيْهِمْ مُقْتَدِرُونَ).
الآية الرابعة والعشرون : (لَيْسَ البِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَـكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغرِبِ وَلـكِنَّ البِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَالْمَلائِكَةِ وَالْكِتابِ وَالنَّبِـيِّينَ وَآتَى المالَ عَلى حُبِّهِ ذَوِى الْقُرْبى وَالْيَتامى وَالْمَساكِـينَ وَابْنَ السَّبِـيلِ وَالسّائِلِـينَ وَفِى الرِّقابِ وَأَقامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذا عاهَدُوا وَالصّابِرِينَ فِى الْبَأْساءِ وَالضَّـرّاءِ وَحِـينَ البَأْسِ أُولـئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولـئِكَ هُمُ المُتَّقُونَ)  .

حديثُ الغديرِ
إنَّ حديثَ الغديرِ من الأحاديثِ المتواترةِ الواصلةِ إلينا عَن الرسولِ الأكرمِ(صلى الله عليه وآله) ، وقدْ نقلَه أهلُ السنّةِ إلى حدِّ التواترِ   ، ولمْ ينكره إلاّ المعاندُ للحقِّ، أو المنكرُ للأُمور البديهيّةِ  ، حيثُ خطبَ النبيُّ(صلى الله عليه وآله) خطبتَهُ المباركةَ عندَ الرجوعِ من حجّةِ الوداعِ، وفي ذلكَ الجوّ الحارِّ في الحجازِ عندَ الظهرِ، وأمامَ جَمْع كثير ممّن كانوا معه ، قال : «أيّها الناسُ ، ألستُ أولى بكم من أنفسكم وأموالكم ؟ فقالَ الجميعُ »: بلى يارسولُ الله .
ثمّ قال(صلى الله عليه وآله) : «مَنْ كُنْتُ مَوُلاهُ فَهَذَا عَلَيٌّ مَولاهُ، اللّهُمَّ وَالِ مَنْ وَالاهُ، وَعَادِ مَنْ عَاداهُ» .
إنَّ الشخصَ المنصفَ الذي لا يُنكرُ البديهيّاتِ يعلمُ بأنَّ هذا نصٌّ واضحٌ على خلافةِ المولى أميرِ المؤمنينَ عليّ(عليه السلام) ; ففي هذا الوقتِ ، ومثلُ هذا الشخصِ وهو النبيّ الأكرم(صلى الله عليه وآله) وفي جموعِ القوافلِ بحيث أخبرَ المتقدِّمينَ والمتأخِّرينَ للاجتماعِ ، وكانت الكثرةُ متجاوزةً للحدّ، وذلك ليُظهر الرسولُ الأكرمُ(صلى الله عليه وآله) هذا الأمرَ وحتّى لا يخفى في ذلك الزمان على أحد .
والحال يُؤَوَّلُ هذا الأمر في زماننا ! ! .
لينظر أهلُ الإنصافِ لهذا الأمرِ الظاهر والجليّ كيفَ يؤوّل ! ! كمْ هم بعيدونَ عن الحقِّ ! ؟ بلْ هم في مقامِ العنادِ والتعصّبِ .

نصُّ حديثِ الغديرِ
لَمَّا خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ(صلى الله عليه وآله) إِلَى مَكَّةَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ جَاءَهُ جَبْرَئِيلُ(عليه السلام) فِي الطَّرِيقِ، فَقَالَ لَهُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ اللهَ تَعَالَى يُقْرِئُكَ السَّلاَمَ وَ قَرَأَ هَذِهِ الآْيَةَ : (يا أَيُّها الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ) .
ثم َ نَزَلَ عَلَيْهِ جَبْرَئِيلُ(عليه السلام) فِي اليَوْمِ الثَّانِي وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ(صلى الله عليه وآله) نازلاً بغدير، فَقَالَ لَهُ : (يا أَيُّها الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَ إِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ) .
ثم نَزَلَ عَلَيْهِ فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ وَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ(صلى الله عليه وآله) بِمَوْضِع يُقَالُ لَهُ : غَدِيرُ خُمّ وَقَالَ لَهُ : (يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَ إِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ) .
فَلَمَّا سَمِعَ رَسُولُ اللَّهِ(صلى الله عليه وآله) هَذِهِ الْمَقَالَةَ قَالَ لِلنَّاسِ: «أَنِيخُوا نَاقَتِي فَوَ اللَّهِ; مَا أَبْرَحُ مِنْ هَذَا الْمَكَانِ حَتَّى أُبَلِّغَ رِسَالَةَ رَبِّي» وَأَمَرَ أَنْ يُنْصَبَ لَهُ مِنْبَرٌ مِنْ أَقْتَابِ الاِْبِلِ، وَصَعِدَهَا، وَ أَخْرَجَ مَعَهُ عَلِيّاً(عليه السلام)، وَقَامَ قَائِماً، وَخَطَبَ خُطْبَةً بَلِيغَةً وَعَظَ فِيهَا وَ زَجَرَ ، ثُمَّ قَالَ(صلى الله عليه وآله) : «يَا أَيُّهَا النَّاسُ، أَلَسْتُ أَوْلَى بِكُمْ مِنْكُمْ» ؟
فَقَالُوا: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ ، ثُمَّ قَالَ : «قُمْ يَا عَلِيُّ» فَقَامَ عَلِيٌّ(عليه السلام)فَأَخَذَهُ بِيَدِهِ فَرَفَعَهَا حَتَّى رُئِيَ بَيَاضُ إِبْطَيْهِمَا ، ثُمَّ قَالَ : «أَلاَ مَنْ كُنْتُ مَوْلاَهُ فَهَذَا عَلِيٌّ مَوْلاَهُ، اللَّهُمَّ وَالِ مَنْ وَالاَهُ، وَ عَادِ مَنْ عَادَاهُ، وَ انْصُرْ مَنْ نَصَرَهُ، وَ اخْذُلْ مَنْ خَذَلَهُ»، ثُمَّ نَزَلَ مِنَ الْمِنْبَرِ. 
وَجَاءَ أَصْحَابُهُ إِلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ(عليه السلام) وَ هَنَّأُوهُ بِالْوَلاَيَةِ، وجاءَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فَقَالَ لَه : «بخٍّ بخٍّ لك يَا عَلِيُّ، أَصْبَحْتَ مَوْلاَيَ وَ مَوْلَى كُلِّ مُؤْمِن وَ مُؤْمِنَة»، وَنَزَلَ جَبْرَئِيلُ(عليه السلام)بِهَذِهِ الآْيَةِ : (اليَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِى وَرَضِـيتُ لَكُمُ الإِسْلامَ دِيناً)  .
وقد أظهر الله تعالى الحقّ، ورسّم طريقه، وأتمّ الحجّة، وأوضحها على الجميع  ، وقال : (لِـيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَة وَيَحْيى مَنْ حَىَّ عَن بَـيِّنَة).

التصدّقُ بالخاتمِ
منْ جملةِ  النصوصِ الدالّةِ على خلافةِ عليِّ بنِ أبي طالب(عليه السلام) بلا فصل ما ذكرَهُ في مجمعِ البيانِ : (حدّثنا السيّدُ أبو الحمدِ مهديُ بن نزار الحسنيّ القايني ، قالَ : حدّثنا الحاكمُ أبو القاسمِ الحسكانيُّ(رحمه الله) ، قالَ : حدّثني أبو الحسنِ محمّدُ بنُ القاسمِ الفقيهُ الصيدلاني ، قالَ : أخبرنا أبو محمّد عبدُ اللِه بنِ محمّد الشعراني ، قالَ : حدّثنا أبو عليّ أحمد بن عليِّ بنِ رزين الشيباني ، قال : حدّثني المظفّر بن الحسين الأنصاري ، قال : حدّثنا السدّي بن عليّ الورّاق ، قال : حدّثنا يحيى بن عبد الحميد الحماني، عن قيس بن الربيع ، عن الأعمش ، عن عباية بن ربعي ، قال :
بَيْنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاس جَالِسٌ عَلَى شَفِيرِ زَمْزَمَ يَقُولُ:قَالَ رَسُولُ اللَّهِ(صلى الله عليه وآله) إِذْ أَقْبَلَ رَجُلٌ مُتَعَمِّمٌ بِعِمَامَة ، فَجَعَلَ ابْنُ عَبَّاس لاَ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ إِلاَّ قَالَ الرَّجُلُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ(صلى الله عليه وآله) فَقَالَ ابْنُ عَبَّاس: سَأَلْتُكَ بِاللَّهِ مَنْ أَنْتَ ؟ فَكَشَفَ الْعِمَامَةَ عَنْ وَجْهِهِ وَقَالَ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ، مَنْ عَرَفَنِي فَقَدْ عَرَفَنِي أَنَا جُنْدَبُ بْنُ جُنَادَةَ الْبَدْرِيُّ، أَبُو ذَرّ الْغِفَارِيُّ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ(صلى الله عليه وآله) بِهَاتَيْنِ وَإِلاَّ فَصَمتَا، وَ رَأَيْتُهُ بِهَاتَيْنِ وَ إِلاَّ فَعَمِيَتَا يَقُولُ: «عَلِيٌّ قَائِدُ الْبَرَرَةِ، وَ قَاتِلُ الْكَفَرَةِ، مَنْصُورٌ مَنْ نَصَرَهُ، مَخْذُولٌ مَنْ خَذَلَهُ»، أَمَا إِنِّي صَلَّيْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ(صلى الله عليه وآله) يَوْماً مِنَ الاَْيَّامِ الظُّهْرَ، فَسَأَلَ سَائِلٌ فِي الْمَسْجِدِ فَلَمْ يُعْطِهِ أَحَدٌ شَيْئاً فَرَفَعَ السَّائِلُ يَدَهُ إِلَى السَّمَاءِ وَ قَالَ: اللَّهُمَّ، اشْهَدْ أَنِّي سَأَلْتُ فِي مَسْجِدِ رَسُولِ اللَّهِ(صلى الله عليه وآله)فَلَمْ يُعْطِنِي أَحَدٌ شَيْئاً وَ كَانَ عَلِيٌّ(عليه السلام)فِي الصَّلاَةِ رَاكِعاً، فَأَوْمَأَ إِلَيْهِ بِخِنْصِرِهِ الْيُمْنَى وَ كَانَ مُتَخَتِّماً فِيهَا فَأَقْبَلَ السَّائِلُ، فَأَخَذَ الْخَاتَمَ مِنْ خِنْصِرِهِ، وَ ذَلِكَ بِمَرْءى مِنَ النَّبِيِّ(صلى الله عليه وآله)وَ هُوَ يُصَلِّي، فَلَمَّا فَرَغَ النَّبِيُّ(صلى الله عليه وآله) مِنْ صَلاَتِهِ رَفَعَ رَأْسَهُ إِلَى السَّمَاءِ وَ قَالَ: «اللَّهُمَّ، إِنَّ أَخِي مُوسَى سَأَلَكَ فَقَالَ : (رَبِّ اشْرَحْ لِى صَدْرِى * وَيَسِّـرْ لِى أَمْرِى * وَ احْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسانِى * يَـفْـقَهُوا قَـوْلِى * وَاجْـعَلْ لِى وَزِيراً مِـنْ أَهْـلِى * هـرُونَ أَخِى * أُشْـدُدْ بِهِ أَزْرِى * وَأَشْرِكْهُ فِى أَمْرِى)  ، فَأَنْزَلْتَ عَلَيْهِ قُرْآناً نَاطِقاً (سَنَـشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِـيكَ وَنَجْعَلُ لَكُما سُلْطاناً فَـلا يَصِلُونَ إِلَيْكُما بِآياتِنا)  ، اللَّهُمَّ، وَ أَنَا مُحَمَّدٌ نَبِيُّكَ وَ صَفِيُّكَ، اللَّهُمَّ، فَاشْرَحْ لِي صَدْرِي، وَ يَسِّرْ لِي أَمْرِي . .  وَ اجْعَلْ لِي وَزِيراً مِنْ أَهْلِي عَلِيّاً، اشْدُدْ بِهِ ظَهْرِي»، قَالَ أَبُو ذَرّ : فَمَا اسْتَتَمَّ رَسُولُ اللَّهِ(صلى الله عليه وآله) كَلاَمَهُ حَتَّى نَزَلَ جَبْرَئِيلُ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ اقْرَأْ فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْهِ : (إِنَّما وَلِـيُّـكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِـيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ راكِعُونَ).
وهذه الآية هي من أوضح الدلائل على صحّة إمامة عليّ بن أبي طالب(عليه السلام) بعد رسول الله(صلى الله عليه وآله) بلا فصل بدليل أنّ لفظ «وليّكم» في الآية يدلّ على وجوب إطاعة الوليّ ، وقد ثبت أنّ المراد من «الذين آمنوا» في الآية الشريفة هو عليّ(عليه السلام) ، وهذا نصّ ثابت وواضح على إمامة عليّ بن أبي طالب(عليه السلام)  .

وقعةُ الأحزابِ
ذلكَ اليومُ المشهودُ الذي وردَ ذكرُه في القرآنِ الكريمِ في قوله تعالى : (إِذْ جاؤُكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَ إِذْ زاغَتِ الأَبْصارُ وَبَلَغَتِ القُلُوبُ الحَـناجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللّهِ الظُّـنُونَا)  .
كان يوماً عظيماً حيث اجتمعتْ فرقُ المشركينِ ، وكانَ المُسْلِمُوْنَ في ضيق، فاجتمعوا عند رسولِ اللهِ(صلى الله عليه وآله) عندها حفرَ النبيُّ(صلى الله عليه وآله) خندقاً حول المدينةِ ، إلاّ أنَّ عمرو بنَ عبدِ ودّ العامريّ تمكنَ منْ أنْ يَعْبر الخندقَ بمفرده ولم يصطحبْ أحداً من المشركين معه، لأنّه كانَ واثقاً من نفسِه وبشجاعته; معتقداً أنْ لا أحدَ يستطيع مقاتلَتَه ; لأنّه كانَ معروفاً بالشجاعةِ . عندها قالَ رسولُ اللهِ(صلى الله عليه وآله) لأصحابه : «مَنْ يبرز لهذا ؟» فلم يجبْه أحدٌ ، فقالَ عليّ(عليه السلام) : «أنا له يارسولَ اللهِ » ، فقالَ(صلى الله عليه وآله) : «هذا عمرو بن عبد ودّ ، اجلسْ » ، فقالَ رسولُ اللهِ(صلى الله عليه وآله) ثانيةً : «مَنْ يبرز لهذا ؟» فلمْ يجبْه أحدٌ ، فقالَ عليٌّ(عليه السلام) مرّةً ثانية : «أنا له يارسولَ اللهِ » ، فقالَ(صلى الله عليه وآله) له كما قالَ في المرّةِ الأُولى ، وفي المرّة الثالثةِ طلب َرسولُ الله(صلى الله عليه وآله)أحداً للمبارزة فلمْ يجبْه أحدٌ ، فقالَ عليّ : «أنا له يارسولَ اللهِ(صلى الله عليه وآله) » ، فقالَ(صلى الله عليه وآله) : «هذا عمرو بن عبد ودّ » ، قالَ عليٌّ(عليه السلام): «وإن كانَ وأنا عليُّ بنُ أبي طالب » ، وكانَ جميعُ الأصحابِ خائفينَ من هيبةِ عمرو; لأنّهم كانوا يعرفونَ شجاعتَه ، وكانَ عمرو بن عبدِ ودّ يرتجز ويقول :
وَلَقَدْ بَحَحْتُ مِنَ النِّدَاءِ***بِجَمْعِكِمْ هَلْ مِنْ مُبَارِز
وَ وَقَفْتُ إِذْ جَبُنَ الشُّجَاعُ***مَوْقِفَ الْقَرْنِ الْمُنَاجِزِ
إِنِّي كَذَلِكَ لَمْ أَزَلْ***مُتَسَرِّعاً قَبْلَ الْهَزَاهِزِ
إِنَّ الشَّجَاعَةَ فِي الْفَتَى***وَالْجُودَ مِنْ خَيْرِ الْغَرَائِزِ
وكما في الأخبارِ الصحيحةِ، فإنَّ رسولَ اللهِ(صلى الله عليه وآله) عَمّم عليّاً(عليه السلام) بعمامته، وألبسَه درعَه، وجَعل ذا الفقار بيده ، وأمثالُ هذه الأفعالِ لا تصدرُ إلاّ من الرؤساءِ لوزرائهم كي تُظهر وتبيّن حالة الوزيرِ من كونه من المقرّبينَ ، ويظهر للناس علوّ المرتبة والشأن لهذا الوزير .
وعندما خرجَ أميرُ المؤمنين(عليه السلام) للمبارزة كانَ النبيُّ(صلى الله عليه وآله) مشغولاً بالدُّعاء وطلبِ النصر والمعونة له، وقال : «اللّهمَّ إنّكَ أخذتَ منّي عُبيدَةَ يومَ بدر، وحمزةَ يومَ أُحد، ولمْ يبقْ لي غيرُه فأيّده» ، وقالَ(صلى الله عليه وآله) : «اللّهمَّ احفظْهُ منْ بينِ يديهِ ومن خلفهِ وعن يمينهِ وعن شمالهِ ومن فوقِ رأسهِ ومن تحتِ قدميهِ» .
قال ابن إسحاق : إنّ عليّاً(عليه السلام) عندما ذهبَ لمبارزة عمرو كانَ يقول :
لاَ تَعْجَلَنَّ فَقَدْ أَتَاكَ***مُجِيبُ صَوْتِكَ غَيْرَ عَاجِز
ذُو نِيَّة وَ بَصِيرَة وَ***الصِّدْقُ مُنْجِي كُلِّ فَائِز
إِنِّي لاََرْجُو أَنْ أُقِيمَ***عَلَيْكَ نَائِحَةَ الْجَنَائِزِ
مِنْ ضَرْبَة نَجْلاَءَ يَبْقَى***صَوْتُهَا عنْدَ الْهَزَاهِزِ
وكانَ مِنْ أقوالِ رَسُولِ اللَّهِ(صلى الله عليه وآله) : «بَرَزَ الاِْيمَانُ كُلُّهُ إِلَى الشِّرْكِ كُلِّهِ» ، وهذا تأييدٌ صادقٌ، وبيانٌ ناطقٌ على أنَّ عليّاً(عليه السلام) كانَ تمامَ الإيمانِ وأساسَ الإيمانِ ، وأنّ عمراً كانَ تمامَ الكفرِ وأساسَ الكفرِ ، ولذا فعندما قُتلَ عمرو بنُ عبد ودّ تفرّقَ جميعُ أهلِ الشركِ، وتشعّبوا، وهربوا متقهقرينَ ، وقد انتصرَ الإسلامُ والمسلمونَ ، ونصرَ اللهُ رسولَهُ(صلى الله عليه وآله)بعليّ(عليه السلام) ، وانتشرتْ دعوةُ الإسلامِ، وظهرتْ حجّةُ رسولِ اللهِ(صلى الله عليه وآله)ودليلُه ، وكلّ ذلك كان من رئيس الإسلامِ عندما قُتلَ رئيسُ الشركِ ، ولهذا قالَ رسولُ اللهِ(صلى الله عليه وآله) في ذلك اليوم : «ضربةُ عليّ لعمرو يومَ الخندقِ تعدلُ عبادةَ الثقلينِ» ، وهذا يؤيّدُ عظمةَ عليّ(عليه السلام) في الإسلامِ، وشدّةَ الْتِزامِهِ بالدِّينِ ، فقدْ استقامَ دينُ اللّهِ تَعالى وسُنةُ الرَسولِ(صلى الله عليه وآله) بعليّ(عليه السلام) ، وأنّ ما اشتملتْ عليه هذه الواقعةُ من أقوال وأفعال هي تأييدٌ قاطعٌ على أفضَليّةِ عليّ(عليه السلام)على جميعِ المسلمينَ .

وقعةُ خَيْبَر
يومَ خيبر مِن الوقائعِ المشهورةِ ، وقدْ تواترت الأخبار على أنّ النبيّ(صلى الله عليه وآله) بَعْدَ مُحَاصَرة خَيْبَرَ عطَى اللِّوَاءَ أَبا بَكْر فَانْصَرَفَ مَهْزوماً وَ لَمْ يُفْتَحْ لَهُ ، ثُمَّ عطا مِنَ الْغَدِ عُمَرَ فَرَجَعَ وَهوَ يُجَبِّنُ أصحابَه وَيُجَبِّنُنَّهُ، وَلَمْ يُفْتَحْ لَهُ، وَأَصَابَ النَّاسَ يَوْمَئِذ شِدَّةٌ وَجُهْدٌ .
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ(صلى الله عليه وآله): «إِنِّي دَافِعٌ الرَّايَةَ غَداً إِلَى رَجُل يُحِبُّهُ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ وَ يُحِبُّ اللهَ وَرَسُولَهُ لاَ يَرْجِعُ حَتَّى يَفْتَحَ اللَّهُ لَهُ ».
قاَلَ الراوي: وَبِتْنَا طِيبَةَ أَنْفُسِنَا أَنْ نَفْتَحَ غَداً ، وَفِي الصَبَاحِ قَامَ قَائِماً وَدَعَا بِاللِّوَاءِ وَ النَّاسُ عَلَى مَصَافِّهِمْ وَ دَعَا عَلِيّاً(عليه السلام) وَ هُوَ أَرْمَدُ فَتَفَلَ فِي عَيْنِهِ، وَدَفَعَ إِلَيْهِ اللِّوَاءَ، فخَرَجَ مَرْحَبٌ وَ كَانَ طَوِيلَ الْقَامَةِ، عَظِيمَ الْهَامَةِ، وَ كَانَتِ الْيَهُودُ تُقَدِّمُهُ لِشَجَاعَتِهِ، وَ هُوَ يَقُولُ : أَنَا الَّذِي سَمَّتْنِي أُمِّي مَرْحَباً .
فَأَقْبَلَ عَلِيٌّ(عليه السلام) وَ هُوَ يَقُولُ : «أَنَا الَّذِي سَمَّتْنِي أُمِّي حَيْدَرَةً» ، وَ اللَّهِ; مَا كَانَ إِلاَّ كَفُوَاقِ نَاقَة حَتَّى ضَرَبَهُ عَلِيٌّ(عليه السلام) ضَرْبَةً سَقَطَ مِنْهَا لِوَجْهِهِ ، وَ انْهَزَمَ الْيَهُودُ يَقُولُونَ: قُتِلَ مَرْحَبٌ ، قُتِلَ مَرْحَب ، فَانْهَزَمُوا إِلَى الْحِصْنِ ، فَتَقَدَّمَ عَلِيٌّ(عليه السلام) إِلَى بَابِ الْحِصْنِ، وَ ضَبَطَ حَلْقَتَهُ، وَ كَانَ وَزْنُهَا أَرْبَعِينَ مَنّاً، وَ هَزَّ الْبَابَ فَارْتَعَدَ الْحِصْنُ بِأَجْمَعِهِ حَتَّى ظَنُّواأنّهَا زَلْزَلَةٌ ثُمَّ هَزَّهُ أُخْرَى فَقَلَعَهُ وَ دَحَا بِهِ فِي الْهَوَاءِ أَرْبَعِينَ ذِرَاعاً وهُوَ ابْنُ اثْنَتَيْنِ وَعِشْرِينَ سَنَةً ، وَ كَانَ بَابُ خَيْبَر يَرْفَعُهُ خَمْسُونَ رَجُلا حَتَّى عَبَرَ عَلَيْهِ الْعَسْكَرُ، وَكَانُوا ثَمَانِيَةَ أَلْف وَ سَبْعَمِائَةِ رَجُل  .
وقْد ذَكَرَ بعضُ أهلِ التحقيقِ أنَّ الحكمةَ في إعطاءِ الرايَةِ في اليومينِ الأوّلينِ بيدِ أُولئك ثُمَّ إعطاؤُها بيدِ عليّ(عليه السلام) إظهارُ واقعِ الحالِ فيهما ، حتّى يَعْلَمَ الناسُ بنقصِهما، وأنّهما ليْسَا أصحابَ كمال بَدَنيّ ولا نفسيّ ، وهما لا يستحقّانِ أقلَّ مراتبِ الكمالِ ، فضلاً عنْ المراتبِ العاليةِ والساميةِ مثْلَ الخلافةِ والولايةِ ، وهذا الأمرُ ظاهرٌ عندَ أهلِ العلمِ والإنصافِ .

حَدِيثُ الطَيْرِ
إنَّ حديثَ الطيرِ من الأخبارِ المتواترةِ ، ولمْ ينكره أحدٌ فيما أعلمُ  وهوَ :
أُهْدِيَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ(صلى الله عليه وآله) طَائِرٌ مَشْوِيٌّ فَقَالَ: «اللَّهُمَّ ائْتِنِي بِأَحَبِّ خَلْقِكَ إِلَيْكَ يَأْكُلْ مَعِي هَذَا الطَّيْرَ»، فَجَاءَ عَلِيٌّ(عليه السلام) ، فَقُلْتُ لَهُ : رَسُولُ اللَّهِ(صلى الله عليه وآله) عَنْكَ مَشْغُولٌ وَأَحْبَبْتُ أَنْ يَكُونَ رَجُلاً مِنْ قَوْمِي ، فَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ(صلى الله عليه وآله) ثَانِياً فَجَاءَ عَلِيٌّ(عليه السلام) ، فَقُلْتُ : رَسُولُ اللَّهِ عَنْكَ مَشْغُولٌ ، فَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ(صلى الله عليه وآله) ثَالِثاً، فَجَاءَ عَلِيٌّ(عليه السلام) ، فَقُلْتُ : رَسُولُ اللَّهِ(صلى الله عليه وآله) عَنْكَ مَشْغُولٌ ، فَرَفَعَ عَلِيٌّ صَوْتَهُ وَقَالَ : «وَمَا يَشْغَلُ رَسُولَ اللَّهِ(صلى الله عليه وآله)عَنِّي» ، وَسَمِعَهُ رَسُولُ اللَّهِ(صلى الله عليه وآله)فَقَالَ : «يَا أَنَسُ، مَنْ هَذَا ؟» قُلْتُ : عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِب(عليه السلام) ، قَالَ : «ائْذَنْ لَهُ» ، فَلَمَّا دَخَلَ قَالَ لَهُ(صلى الله عليه وآله) : «يَا عَلِيُّ، إِنِّي قَدْ دَعَوْتُ اللهَ ثَلاَثَ مَرَّات أَنْ يَأْتِيَنِي بِأَحَبِّ خَلْقِهِ إِلَيْهِ وَإِلَيَّ أَنْ يَأْكُلَ مَعِي هَذَا الطَّيْرَ، وَلَوْ لَمْ تَجِئْنِي فِي الثَّالِثَةِ لَدَعَوْتُ اللهَ بِاسْمِكَ أَنْ يَأْتِيَنِي بِكَ ، فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي قَدْ جِئْتُ ثَلاَثَ مَرَّات كُلَّ ذَلِكَ يَرُدُّنِي أَنَسٌ وَيَقُولُ: رَسُولُ اللَّهِ عَنْكَ مَشْغُولٌ ، فَقَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ(صلى الله عليه وآله) : «مَا حَمَلَكَ عَلَى هَذَا ؟» قُلْتُ : أَحْبَبْتُ أَنْ يَكُونَ رَجُلاً مِنْ قَوْمِي ، فتبسّم رَسُولُ اللَّهِ(صلى الله عليه وآله) وقَالَ : «لا يلامُ الرّجلُ عَلى حُبِّ قوْمِهِ»  .
وفي هذا الحديث دلالةٌ بيّنةٌ وحجّةٌ واضحةٌ على اعتناءِ الرسولِ(صلى الله عليه وآله)بالإمامِ عليّ(عليه السلام) ، وأنّه لا يوجدُ مَن هو أحبُّ الخلقِ إلى اللهِ ورسوله(صلى الله عليه وآله) من عليّ(عليه السلام) ، وهذا لا يمكن إلاّ على سبيلِ الاستحقاقِ بالضرورةِ .
فَعُلمَ أنّ عليّاً(عليه السلام)أعظمُ الخلقِ عند اللهِ ورسولهِ(صلى الله عليه وآله) ، وأقربُ الخلقِ إليهم ، فهو الذي يستحقّ الخلافةَ والولايةَ من اللهِ ورسولهِ على الخلقِ أجمعين ، وهذا واضحٌ لأُولي الأبصارِ، كالشمسِ في رابعةِ النهارِ، ولمنْ يترك هوى نفسِهِ .

قرابةُ الإمام علىّ(عليه السلام) من الرسولِ الأكرم(صلى الله عليه وآله)
وأمّا قرابةُ الإمامِ عليّ(عليه السلام) للرسولِ(صلى الله عليه وآله)، فهو أمرٌ واضحٌ لا ينكره حتّى المعاند ، فمعلومٌ بالضرورةِ أنّه لا أحدَ أقربُ نسباً للرسول(صلى الله عليه وآله) من عليّ بن أبي طالب(عليه السلام) ; فهو ابن عمّه من الأب والأُمّ، وأنّ ابن العمّ من الأبوين مقدّم على العمّ من طرفِ الأبِ فقط وهو العبّاس ; إذ أنّ أبا طالب وعبدَالله أخَوان من أبوين ، وأمّا العبّاس، فهو أخوهما من جهة الأبِ فقط ، فعليّ(عليه السلام) أقربُ إلى رسول الله(صلى الله عليه وآله) من جهة الأب، وأيضاً من جهة الأُمّ ، أمّا العبّاس، فإنّه قريب من جهة واحدة فقط ، ومعلوم أنّ ذَا الجهتينِ أرجحُ من ذِيْ الجهةِ الواحدةِ .
ثمّ إنّ أقوالَ الرسولِ(صلى الله عليه وآله) وأحواله مع الأمير(عليه السلام) تختلف عن البقيّة ، وهذا دليل على حصول هذا القرب ، ومن ذلك ما تكرّر كثيراً قول النبيّ(صلى الله عليه وآله) : «عَلِيٌّ مِنِّي وَ أَنَا مِنْ عَلِيّ»  ، و«يا عَلِيٌّ، لَحْمُكَ لَحْمِي وَ دَمُكَ دَمِي، سِلْمُكَ سِلْمِي، وَسِرُّكَ سِرِّي، وَعَلاَنِيَتُكَ عَلاَنِيَتِي، وَسَرِيرَةُ صَدْرِكَ كَسَرِيرَةِ صَدْرِي، وَأَنْتَ بَابُ عِلْمِي، وَإِنَّ وُلْدَكَ وُلْدي، وأنّ الحقَّ معك، والحقَّ على لسانك، وفي قلبك وبين عينيك، وَالاِْيمَانَ مُخَالِطٌ لَحْمَكَ وَدَمَكَ، كَمَا خَالَطَ لَحْمِي وَدَمِي»  .
وَجَاءَ في خَبَر آخَرَ عَنِ الطَّالَقَانِيِّ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَرَفَةَ، عَنْ وَكِيع، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْرَائِيلَ، عَنْ أَبِي صَالِح، عَنْ أَبِي ذَرّ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ(صلى الله عليه وآله) وَهُوَ يَقُولُ : «خُلِقْتُ أَنَا وَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِب مِنْ نُور وَاحِد، نُسَبِّحُ اللهَ يَمنَةَ الْعَرْشِ قَبْلَ أَنْ خَلَقَ آدَمَ بِأَلْفَيْ عَام، فَلَمَّا أَنْ خَلَقَ اللَّهُ آدَمَ(عليه السلام)جَعَلَ ذَلِكَ النُّورَ فِي صُلْبِهِ، وَلَقَدْ سَكَنَ الْجَنَّةَ وَنَحْنُ فِي صُلْبِهِ، وَ لَقَدْ هَمَّ بِالْخَطِيئَةِ وَ نَحْنُ فِي صُلْبِهِ، وَ لَقَدْ رَكِبَ نُوحٌ(عليه السلام)السَّفِينَةَ وَنَحْنُ فِي صُلْبِهِ، وَلَقَدْ قُذِفَ إِبْرَاهِيمُ(عليه السلام) فِي النَّارِ وَ نَحْنُ فِي صُلْبِهِ، فَلَمْ يَزَلْ يَنْقُلُنَا اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ مِنْ أَصْلاَب طَاهِرَة إِلَى أَرْحَام طَاهِرَة حَتَّى انْتَهَى بِنَا إِلَى عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فَقَسَمَنَا بِنِصْفَيْنِ، فَجَعَلَنِي فِي صُلْبِ عَبْدِ اللَّهِ، وَ جَعَلَ عَلِيّاً فِي صُلْبِ أَبِي طَالِب، وَ جَعَلَ فِيَّ النُّبُوَّةَ وَ الْبَرَكَةَ، وَ جَعَلَ فِي عَلِيّ الْفَصَاحَةَ وَ الْفُرُوسِيَّةَ، وَشَقَّ لَنَا اسْمَيْنِ مِنْ أَسْمَائِهِ، فَذُو الْعَرْشِ مَحْمُودٌ وَ أَنَا مُحَمَّدٌ، وَ اللَّهُ الاَْعْلَى وَ هَذَا عَلِيٌّ» .
وَقَوْلُهُ(صلى الله عليه وآله): «لِبُرَيْدَةَ لاَ تُبْغِضْ عَلِيّاً; فَإِنَّهُ مِنِّي وَ أَنَا مِنْهُ، وَ أَنَّ النَّاسَ خُلِقُوا مِنْ شَجَر شَتَّى، وَ خُلِقْتُ أَنَا وَ عَلِيٌّ مِنْ شَجَرَة وَاحِدَة»  .
وغيرُ ذلكَ، كترجيحِ عليّ(عليه السلام) على الكلّ ، وتربيةِ النبيّ(صلى الله عليه وآله) له(عليه السلام)، وتكفّلهِ(صلى الله عليه وآله) له(عليه السلام) أيّامَ طفولتهِ ، فكلّ هذه أدلّةٌ وتأييدٌ على قربِ عليّ(عليه السلام) من الرسول(صلى الله عليه وآله) ، ولمْ تحصلُ أمثالُ هذه الأُمور من النبيّ(صلى الله عليه وآله)لأحد، كما هي حاصلةٌ للإمامِ عليّ أميرِ المؤمنينَ(عليه السلام).

حَدِيثُ تَزْوِيجِ فَاطِمَة(عليها السلام)
وأمّا حديثُ تزويجِ أميرِ المؤمنينَ(عليه السلام)، فهوَ من الأُمورِ المعلومةِ ، فقدْ زوّجَهُ النبيُّ(صلى الله عليه وآله)من بنتِه فاطمة(عليها السلام) ، وَإليْكَ بَعْضَ ما رُوِيَ في ذَلِكَ: .
1. رويَ أنَّ اللهَ عَزَّ وَ جَلَّ زَوَّجَه فَاطِمَةَ مِنْ فَوْقِ سَبْعِ سَمَاوَاتِه وَقَدْ كَانَ خَطَبَهَا أَبُو بَكْر وَعُمَرُ، فَرَفَضَ رَسُولُ اللهِ مُعَلِّلاً أنَّ أمرَ فاطِمَةَ بِيَدِ اللهِ الجَلِيلِ ، فإنَّهُ يُزَوِّجَهَا لِمَنْ يَشَاءُ  .
2. وَ فِي حَدِيثِ خَبَّابِ بْنِ الاَْرَتِّ: أَنَّ اللهَ تَعَالَى أَوْحَى إِلَى جَبْرَئِيلَ: زَوِّجِ النُّورَ مِنَ النُّورِ وَ كَانَ الْوَلِيُّ اللهَ، وَ الْخَطِيبُ جَبْرَئِيلَ، وَ الْمُنَادِي مِيكَائِيلَ، وَالدَّاعِي إِسْرَافِيلَ، وَالنَّاثِرُ عِزْرَائِيلَ، وَ الشُّهُودُ مَلاَئِكَةَ السَّمَاوَاتِ وَ الاَْرَضِينَ، ثُمَّ أَوْحَى إِلَى شَجَرَةِ طُوبَى: أَنِ اُنْثُرِي مَا عَلَيْكِ، فَنَثَرَتِ الدُّرَّ الاَْبْيَضَ وَ الْيَاقُوتَ الاَْحْمَرَ وَ الزَّبَرْجَدَ الاَْخْضَرَ وَ اللُّؤْلُؤَ الرَّطْبَ، فَبَادَرْنَ الْحُورُ الْعِينُ يَلْتَقِطْنَ وَ يَهْدِينَ بَعْضُهُنَّ إِلَى بَعْض، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ(صلى الله عليه وآله): «أَتَانِي مَلَكٌ فَقَالَ: «يَا مُحَمَّدُ، إِنَّ اللهَ يَقْرَأُ عَلَيْكَ السَّلاَمَ وَ يَقُولُ لَكَ: قَدْ زَوَّجْتُ فَاطِمَةَ مِنْ عَلِيّ فَزَوِّجْهَا مِنْهُ، وَ قَدْ أَمَرْتُ شَجَرَةَ طُوبَى أَنْ تَحْمِلَ الدُّرَّ وَ الْيَاقُوتَ وَ الْمَرْجَانَ، وَ أنَّ أَهْلَ السَّمَاءِ قَدْ فَرِحُوا لِذَلِكَ، وَ سَيُولَدُ مِنْهَا وَلَدَانِ سَيِّدَا شَبَابِ أَهْلِ الْجَنَّةِ، وَ بِهِمَا يُزَيَّنُ أَهْلُ الْجَنَّةِ فَأَبْشِرْ يَا مُحَمَّدُ، فَإِنَّكَ خَيْرُ الاَْوَّلِينَ وَ الآْخِرِينَ»  .
3. روى عَمْرُو بْنُ شِمْر عَنْ جَابِر، عَنْ أَبِي جَعْفَر مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ آبَائِهِ(عليهم السلام) قَالَ : «بَيْنَمَا رَسُولُ اللَّهِ(عليه السلام) جَالِسٌ ذَاتَ يَوْم إِذْ دَخَلَتْ أُمُّ أَيْمَنَ فِي مِلْحَفَتِهَا شَيْءٌ، فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ(صلى الله عليه وآله) : يَا أُمَّ أَيْمَنَ، أَيُّ شَيْء فِي مِلْحَفَتِكِ ؟ فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، فُلاَنَةٌ بِنْتُ فُلاَنَة أَمْلَكُوهَا فَنَثَرُوا عَلَيْهَا، فَأَخَذْتُ مِنْ نُثَارِهَا شَيْئاً، ثُمَّ إِنَّ أُمَّ أَيْمَنَ بَكَتْ ، فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ(صلى الله عليه وآله) : مَا يُبْكِيكِ ؟ فَقَالَتْ: فَاطِمَةَ زَوَّجْتَهَا فَلَمْ تَنْثُرْ عَلَيْهَا شَيْئاً، فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ(صلى الله عليه وآله):لاَ تَبْكِينّ فَوَ الَّذِي بَعَثَنِي بِالْحَقِّ بَشِيراً وَ نَذِيراً لَقَدْ شَهِدَ إِمْلاَكَ فَاطِمَةَ جَبْرَئِيلُ وَ مِيكَائِيلُ وَ إِسْرَافِيلُ فِي أُلُوف مِنْ مَلاَئِكَة وَ لَقَدْ أَمَرَ اللَّهُ طُوبَى فَنَثَرَتْ عَلَيْهِمْ مِنْ حُلَلِهَا وَ سُنْدُسِهَا وَ إِسْتَبْرَقِهَا وَ دُرِّهَا وَ زُمُرُّدِهَا وَ يَاقُوتِهَا وَعِطْرِهَا، فَأَخَذُوا مِنْهُ حَتَّى مَا دَرَوْا مَا يَصْنَعُونَ بِهِ، وَ لَقَدْ نَحَلَ اللَّهُ طُوبَى فِي مَهْرِ فَاطِمَةَ، فَهِيَ فِي دَارِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِب»(عليه السلام)  .
4. أَوْحَى اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِلَي رَسُولِهِ(صلى الله عليه وآله) أَنْه عَزَّ وَ جَلَّ قَدْ زَوَّجْتُ فَاطِمَةَ فِي السَّمَاءِ، وَ جَعَلَ خُمُسَ الاَْرْضِ مَهْرَهَا، وَ يُسْتَخْرَجُ فِيمَا بَيْنَهُمَا ذُرِّيَّةٌ طَيِّبَةٌ وَهُمَا سِرَاجَا الْجَنَّةِ، الْحَسَنُ وَ الْحُسَيْنُ، وَ يَخْرُجُ مِنْ صُلْبِ الْحُسَيْنِ أَئِمَّةٌ يُقْتَلُونَ وَ يُخْذَلُونَ، فَالْوَيْلُ لِقَاتِلِهِمْ وَ خَاذِلِهِمْ» .

خطبةُ فاطمة(عليها السلام) في السَماءِ
روي أَنَّهُ خَطَبَ رَاحِيلُ فِي الْبَيْتِ الْمَعْمُورِ فِي جَمْع مِنْ أَهْلِ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ فَقَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الاَْوَّلِ قَبْلَ أَوَّلِيَّةِ الاَْوَّلِينَ، الْبَاقِي بَعْدَ فَنَاءِ الْعَالَمِينَ، نَحْمَدُهُ إِذْ جَعَلَنَا مَلاَئِكَةً رُوحَانِيِّينَ، وَ بِرُبُوبِيَّتِهِ مُذْعِنِينَ، وَ لَهُ عَلَى مَا أَنْعَمَ عَلَيْنَا شَاكِرِينَ، حَجَبَنَا مِنَ الذُّنُوبِ، وَ سَتَرَنَا مِنَ الْعُيُوبِ أَسْكَنَنَا فِي السَّمَاوَاتِ، وَ قَرَّبَنَا إِلَى السُّرَادِقَاتِ، وَحَجَبَ عَنَّا النَّهْمَ لِلشَّهَوَاتِ، وَ جَعَلَ نَهْمَتَنَا وَ شَهْوَتَنَا فِي تَقْدِيسِهِ وَ تَسْبِيحِهِ، الْبَاسِطِ رَحْمَتَهُ، الْوَاهِبِ نِعْمَتَهُ، جَلَّ عَنْ إِلْحَادِ أَهْلِ الاَْرْضِ مِنَ الْمُشْرِكِينَ، وَ تَعَالَى بِعَظَمَتِهِ عَنْ إِفْكِ الْمُلْحِدِينَ، ثُمَّ قَالَ بَعْدَ كَلاَم: اخْتَارَ الْمَلِكُ الْجَبَّارُ صَفْوَةَ كَرَمِهِ، وَ عَبْدَ عَظَمَتِهِ لاَِمَتِهِ سَيِّدَةِ النِّسَاءِ بِنْتِ خَيْرِ النَّبِيِّينَ، وَ سَيِّدِ الْمُرْسَلِينَ، وَ إِمَامِ الْمُتَّقِينَ، فَوَصَلَ حَبْلَهُ بِحَبْلِ رَجُل مِنْ أَهْلِهِ، وَ صَاحِبِهِ الْمُصَدِّقِ دَعْوَتَهُ، الْمُبَادِرِ إِلَى كَلِمَتِهِ عَلِيّ، الْوَصُولِ بِفَاطِمَةَ الْبَتُولِ ابْنَةِ الرَّسُولِ(صلى الله عليه وآله).
وَ رُوِيَ أَنَّ جَبْرَئِيلَ رَوَى عَنِ اللَّهِ تَعَالَى عَقِيبَهَا قَوْلَهُ عَزَّ وَ جَلَّ : الْحَمْدُ رِدَائِي، وَ الْعَظَمَةُ كِبْرِيَائِي، وَ الْخَلْقُ كُلُّهُمْ عَبِيدِي وَ إِمَائِي، زَوَّجْتُ فَاطِمَةَ أَمَتِي مِنْ عَلِيّ صَفْوَتِي، اشْهَدُوا مَلاَئِكَتِي، وَ كَانَ بَيْنَ تَزْوِيجِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ وَفَاطِمَةَ(عليها السلام) فِي السَّمَاءِ إِلَى تَزْوِيجِهِمَا فِي الاَْرْضِ أَرْبَعِينَ يَوْماً  .
وقال(صلى الله عليه وآله) : لَوْلاَ أَنَّ اللهَ خَلَقَ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ(عليه السلام) لَمْ يَكُنْ لِفَاطِمَةَ(عليها السلام) كُفْوٌ عَلَى ظَهْرِ الاَْرْضِ. آدَمُ فَمَنْ دُونَهُ  .
وهذا عِنْدَ أرْبَابِ العُقولِ شَرفٌ ليسَ لَهُ نهايةٌ ، ولا يُمْكنُ العقلَ الإحاطةُ بِهِ ، فالأميرُ(عليه السلام) هوَ صاحِبُ القُربِ الحقيقيّ، والشَرَفِ الكلّيّ عِنْدَ اللّهِ تَعَالى وَرَسولِهِ ، وبه وَجَبَ أنْ يكونَ له مقام الإمامةِ بعدَ رسولِ اللهِ(صلى الله عليه وآله) وإلاّ فسيكونُ هذا القُربُ والشرفُ خالياً من الغرضِ الذي وُجِدَ لأجلِه ، وهذا لا يصدرُ من الحكيمِ.

غَزْوَةُ ذَاتِ السَّلاَسِلِ
رُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ(صلى الله عليه وآله) لَمَّا بَعَثَ سَرِيَّةَ ذَاتِ السَّلاَسِلِ، وَعَقَدَ الرَّايَةَ، وَ سَارَ بِهَا أَبُو بَكْر حَتَّى إِذَا صَارَ بِهَا بِقُرْبِ الْمُشْرِكِينَ اتَّصَلَ خَبَرُهُمْ فَتَحَرَّزُوا، وَ لَمْ يَصِلِ الْمُسْلِمُونَ إِلَيْهِمْ .
فَأَخَذَ الرَّايَةَ عُمَرُ وَ خَرَجَ مَعَ السَّرِيَّةِ فَاتَّصَلَ بِهِمْ خَبَرُهُمْ فَتَحَرَّزُوا، وَلَمْ يَصِلِ الْمُسْلِمُونَ إِلَيْهِمْ .
فَأَخَذَ الرَّايَةَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ فَخَرَجَ فِي السَّرِيَّةِ فَانْهَزَمُوا فَأَخَذَ الرَّايَةَ لِعَلِيّ(عليه السلام) وَ ضَمَّ إِلَيْهِ أَبَا بَكْر وَ عُمَرَ وَ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ وَ مَنْ كَانَ معَهُ فِي تِلْكَ السَّرِيَّةِ، وَ كَانَ الْمُشْرِكُونَ قَدْ أَقَامُوا رُقَبَاءَ عَلَى جِبَالِهِمْ يَنْظُرُونَ إِلَى كُلِّ عَسْكَر يَخْرُجُ إِلَيْهِمْ مِنَ الْمَدِينَةِ عَلَى الْجَادَّةِ فَيَأْخُذُونَ حِذْرَهُمْ وَ اسْتِعْدَادَهُمْ، فَلَمَّا خَرَجَ عَلِيٌّ(عليه السلام) تَرَكَ الْجَادَّةَ وَ أَخَذَ بِالسَّرِيَّةِ فِي الاَْوْدِيَةِ بَيْنَ الْجِبَالِ، فَلَمَّا رَأَى عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ وَ قَدْ فَعَلَ عَلِيٌّ(عليه السلام) ذَلِكَ عَلِمَ أَنَّهُ سَيَظْفَرُ بِهِمْ، فَحَسَدَهُ، فَقَالَ لاَِبِي بَكْر وَ عُمَرَ وَوُجُوهِ السَّرِيَّةِ: إِنَّ عَلِيّاً رَجُلٌ غِرٌّ لاَ خِبْرَةَ لَهُ بِهَذِهِ الْمَسَالِكِ وَ نَحْنُ أَعْرَفُ بِهَا مِنْهُ، وَهَذَا الطَّرِيقُ الَّذِي تَوَجَّهَ فِيهِ كَثِيرُ السِّبَاعِ، وَسَيَلْقَى النَّاسُ مِنْ مَعَرَّتِهَا أَشَدَّ مَا يُحَاذِرُونَهُ مِنَ الْعَدُوِّ، فَسَأَلُوهُ أَنْ يَرْجِعَ عَنْهُ إِلَى الْجَادَّةِ .
 فَعَرَّفُوا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ(عليه السلام)ذَلِكَ قَالَ: «مَنْ كَانَ طَائِعاً لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ مِنْكُمْ فَلْيَتَّبِعْنِي، وَ مَنْ أَرَادَ الْخِلاَفَ عَلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ فَلْيَنْصَرِفْ عَنِّي» فَسَكَتُوا وَسَارُوا مَعَهُ، فَكَانَ يَسِيرُ بِهِمْ بَيْنَ الْجِبَالِ فِي اللَّيْلِ وَيَكْمُنُ فِي الاَْوْدِيَةِ بِالنَّهَارِ، وَ صَارَتِ السِّبَاعُ الَّتِي فِيهَا كَالسَّنَانِيرِ إِلَى أَنْ كَبَسَ الْمُشْرِكِينَ وَهُمْ غَارُّونَ آمِنُونَ وَقْتَ الصُّبْحِ، فَظَفِرَ بِالرِّجَالِ وَ الذَّرَارِيِّ وَ الاَْمْوَالِ، فَحَازَ ذَلِكَ كُلَّهُ، وَ شَدَّ الرِّجَالَ فِي الْحِبَالِ كَالسَّلاَسِلِ، فَلِذَلِكَ سُمِّيَتْ غَزَاةَ ذَاتِ السَّلاَسِلِ، فَلَمَّا كَانَتِ الصَّبِيحَةُ الَّتِي أَغَارَ فِيهَا أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ(عليه السلام) عَلَى الْعَدُوِّ ـ وَ مِنَ الْمَدِينَةِ إِلَى هُنَاكَ خَمْسُ مَرَاحِلَ ـ خَرَجَ النَّبِيُّ(صلى الله عليه وآله)، فَصَلَّى بِالنَّاسِ الْفَجْرَ، وَ قَرَأَ:(وَ الْعادِياتِ) فِي الرَّكْعَةِ الاُْولَى، وَ قَالَ: «هَذِهِ سُورَةٌ أَنْزَلَهَا اللَّهُ عَلَيَّ فِي هَذَا الْوَقْتِ يُخْبِرُنِي فِيهَا بِإِغَارَةِ عَلِيّ عَلَى الْعَدُوِّ»، وَ جَعَلَ حَسَدَهُ لِعَلِيّ حَسَداً لَهُ، فَقَالَ : (إِنَّ الاِْنْسانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ)، وَ الْكَنُودُ. الْحَسُودُ وَ هُوَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ هَاهُنَا; إِذْ هُوَ كَانَ يُحِبُّ الْخَيْرَ وَ هُوَ الْحَيَاةُ حِينَ أَظْهَرَ الْخَوْفَ مِنَ السِّبَاعِ، ثُمَّ هَدَّدَهُ اللَّهُ  .
وكما نُقلَ في الأخبارِ، فإنّ رسولَ اللهِ(صلى الله عليه وآله) قالَ : «وَ لَوْلاَ أَنْ تَقُولَ فِيكَ طَوَائِفُ مِنْ أُمَّتِي مَا قَالَتِ النَّصَارَى فِي عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ لَقُلْتُ فِيكَ قَوْلاَ لاَ تَمُرُّ بِمَلاَ مِنَ النَّاسِ إِلاَّ أَخَذُوا التُّرَابَ مِنْ تَحْتِ قَدَمَيْكَ يَلْتَمِسُونَ بِذَلِكَ الْبَرَكَة»  .
وفي هذه القضيّةِ دلالةٌ ظاهرةٌ وحجّةٌ واضحةٌ على ثبوتِ الولايةِ والخلافةِ لعليّ(عليه السلام)، وبيانٌ لعظيمِ حالهِ، وعلوِّ مَرْتِبَتِهِ عِنْدَ اللهِ ورسولِهِ ، وأنّ الإسلامَ قدْ أُحكِمَتْ قواعدُهُ وأركانُهُ بسيفِ عليّ بنِ أبي طالب(عليه السلام)، لا بهؤلاءِ الذين ذهبوا قَبْلَهُ وأرسلَهُم النبيّ(صلى الله عليه وآله) قبلَ إرسالِهِ لعليّ(عليه السلام); كَىْ يُظهِرَ(صلى الله عليه وآله) نقصَهم وعجزَهم; لكىْ يَعْلَم أهلُ الأوهامِ بعدمِ صلاحيّتِهِم للمراتبِ العاليَةِ بأنْ يَخْلِفوا النبيّ(صلى الله عليه وآله) ، وهذا واضحٌ مِن الأحاديثِ المُستَفيضةِ والمتواترةِ في ذلكَ .

أفضيّلةُ عليّ(عليه السلام) عَلى باقي الصَحابةِ
فضلُ أميرِ المؤمنينَ عليّ(عليه السلام) على الصحابةِ ثابتٌ بكثرةِ جهادهِ في الحروبِ ، وإظهارِ كلمة الحقِّ ، وعلمِهِ المشهورِ في جميعِ الفنونِ ، وملازمتهِ للرسولِ الأكرمِ(صلى الله عليه وآله)، وحرصِهِ على التعلّمِ ، وقضائه في الاُْمورِ المُعَقَّدَةِ وَالعجيبةِ ، وزهدِهِ ، وكرمِهِ ، وكثرةِ تواضعهِ ، وأخلاقهِ ، وعفّتهِ ، وشجاعتهِ التي لا مثيلَ لها ، وحرصهِ على إقامةِ الدِّين وهدايةِ الناسِ ، وأسبقيّتِهِ إلى الإسلامِ منْ غَيْرِه من الصحابةِ ، وغيرِ ذلكَ .
وعندَ تتبّعِنا للفضائلِ النفسيّةِ والبدنيّةِ نراه(عليه السلام) أفْضلَ الخَلقِ بعدَ رسولِ الله(صلى الله عليه وآله) ، حيثُ إنه جامعٌ لكلّ نوع من أنواعِ الفَضْلِ والكَرَمِ بشكلهِ الأعلى والأكملِ .
ولنذكرُ بعضَ أحاديثِ الرسولِ الأكرم(صلى الله عليه وآله) في فَضْلِ عليٍّ(عليه السلام); كَىْ يتّضحَ المطلبُ: مِنْها:
1. رَوَى فُرَاتُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْكُوفِيُّ فِي تَفْسِيرِهِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّد الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ الْفَضْلِ الْقُرَشِيِّ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ سَالِم الاَْنْصَارِيِّ، عَنْ أَبِيهِ وَ عَاصِم وَ الْحُسَيْنِ بْنِ أَبِي الْعَلاَءِ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ(عليه السلام) فِي حَدِيث أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ(صلى الله عليه وآله)قَالَ لِعَلِيّ(عليه السلام): «يَا عَلِيُّ، أَنَا مَدِينَةُ الْعِلْمِ وَ أَنْتَ بَابُهَا، فَمَنْ أَتَى مِنَ الْبَابِ وَصَلَ ، يَا عَلِيُّ، أَنْتَ بَابِيَ الَّذِي أُوتَى مِنْهُ، وَ أَنَا بَابُ اللَّهِ، فَمَنْ أَتَانِي مِنْ سِوَاكَ لَمْ يَصِلْ إِلَيَّ، وَمَنْ أَتَى اللهَ مِنْ سِوَايَ لَمْ يَصِلْ إِلَى اللَّهِ»  .
2. أَوْحَى اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِلَى نَبِيِّهِ(صلى الله عليه وآله) أَنْ طَهِّرْ مَسْجِدَكَ، وَ أَخْرِجْ مِنَ الْمَسْجِدِ مَنْ يَرْقُدُ فِيهِ بِاللَّيْلِ ، وَمُرْ بِسَدِّ أَبْوَابِ مَنْ كَانَ لَهُ فِي مَسْجِدِكَ بَابٌ إِلاَّ بَابَ عَلِيّ(عليه السلام)وَ مَسْكَنَ فَاطِمَةَ عليها السلامُ، وَ لاَ يَمُرَّنَّ فِيهِ جُنُبٌ، وَلاَ يَرْقُدُ فِيهِ غَرِيبٌ، قَالَ: فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ(صلى الله عليه وآله)بِسَدِّ أَبْوَابِهِمْ إِلاَّ بَابَ عَلِيّ(عليه السلام)، وَأَقَرَّ مَسْكَنَ فَاطِمَةَ(عليها السلام) عَلَى حَالِهِ  .
3. روي عَنْ أَحْمَدَ بْنِ عَلِيّ، عَنِ الثَّقَفِيِّ، عَنْ مُخَوَّلِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الاَْسْوَدِ الْيَشْكُرِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ سَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ، قَالَ: سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ مَنْ وَصِيُّكَ مِنْ أُمَّتِكَ، فَإِنَّهُ لَمْ يُبْعَثْ نَبِيٌّ إِلاَّ كَانَ لَهُ وَصِيٌّ مِنْ أُمَّتِهِ  ،فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ(صلى الله عليه وآله): «لَمْ يُبَيَّنْ لِي بَعْدُ»، فَمَكَثْتُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ أَمْكُثَ ثُمَّ دَخَلْتُ الْمَسْجِدَ فَنَادَانِي رَسُولُ اللَّهِ(صلى الله عليه وآله) فَقَالَ: «يَا سَلْمَانُ، سَأَلْتَنِي عَنْ وَصِيِّي مِنْ أُمَّتِي، فَهَلْ تَدْرِي مَنْ كَانَ وَصِيَّ مُوسَى مِنْ أُمَّتِهِ ؟» فَقُلْتُ: كَانَ وَصِيُّهُ يُوشَعَ بْنَ نُون فَتَاهُ ، فَقَالَ: «هَلْ تَدْرِي لِمَ كَانَ أَوْصَى إِلَيْهِ ؟» فَقُلْتُ: اللَّهُ وَ رَسُولُهُ أَعْلَمُ ، قَالَ: «أَوْصَى إِلَيْهِ، لاَِنَّهُ كَانَ أَعْلَمَ أُمَّتِهِ بَعْدَهُ، وَ وَصِيِّي أَعْلَمُ أُمَّتِي بَعْدِي عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِب»  .

محادثةُ مِحْفَنُ معَ مُعاويَة
جاءَ في كِتَابِ الْمُوَفَّقِيَّاتِ لِلزُّبَيْرِ بْنِ بَكَّار الزُّبَيْرِيِّ حَدَّثَ عَنْ رِجَالِهِ قَالَ : دَخَلَ مِحْفَنُ بْنُ أَبِي مِحْفَن الضَّبِّيُّ عَلَى مُعَاوِيَةَ .
فَقَالَ: يَا مُعَاوِيَةُ، جِئْتُكَ مِنْ عِنْدِ أَلاَْمِ الْعَرَبِ، وَ أَعْيَا الْعَرَبِ، وَ أَجْبَنِ الْعَرَبِ،وَأَبْخَلِ الْعَرَبِ .
قَالَ : وَ مَنْ هُوَ يَا أَخَا بَنِي تَمِيم ؟
قَالَ : عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِب .
قَالَ مُعَاوِيَةُ : اسْمَعُوا يَا أَهْلَ الشَّامِ مَا يَقُولُ أَخُوكُمُ الْعِرَاقِيُّ، فَابْتَدَرُوهُ أَيُّهُمْ يُنْزِلُهُ عَلَيْهِ وَ يُكْرِمُهُ، فَلَمَّا تَصَدَّعَ النَّاسُ عَنْهُ ، قَالَ لَهُ : كَيْفَ قُلْتَ ؟ فَأَعَادَ عَلَيْهِ .
فَقَالَ لَهُ : وَيْحَكَ يَا جَاهِلُ كَيْفَ يَكُونُ أَلاَْمَ الْعَرَبِ وَ أَبُوهُ أَبُو طَالِب، وَجَدُّهُ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ، وَامْرَأَتُهُ فَاطِمَةُ بِنْتُ رَسُولِ اللَّهِ(صلى الله عليه وآله) .
وَأَنَّى يَكُونُ أَبْخَلَ الْعَرَبِ ؟ فَوَ اللَّهِ; لَوْ كَانَ لَهُ بَيْتَانِ:بَيْتُ تِبْن وَ بَيْتُ تِبْر لاََنْفَدَ تِبْرَهُ قَبْلَ تِبْنِهِ .
وَأَنَّى يَكُونُ أَجْبَنَ الْعَرَبِ ؟ فَوَ اللَّهِ; مَا الْتَقَتْ فِئَتَانِ قَطُّ إِلاَّ كَانَ فَارِسَهُم غَيْرَ مُدَافَع .
وَأَنَّى يَكُونُ أَعْيَا الْعَرَبِ ؟ فَوَ اللَّهِ; مَا سَنَّ الْبَلاَغَةَ لِقُرَيْش غَيْرُهُ .
فَقَالَ لَهُ : فَعَلَى أَيِّ شَيْء قَاتَلْتَهُ وَ هَذَا مَحَلُّهُ ؟ قَالَ: عَلَى خَاتَمِي هَذَا حَتَّى يَجُوزَ بِهِ أَمْرِي .
فَقَالَ لَهُ :َ فَحَسْبُكَ ذَلِكَ عِوَضاً مِنْ سَخَطِ اللَّهِ وَ أَلِيمِ عَذَابِهِ   .
فليَنْظر أصحابُ العقولِ إلى اعترافِهِ بفضلِ أميرِ المؤمنين(عليه السلام) ومعَ ذلكَ يحاربُهُ، والحالُ أنّه يحاربُ مَنْ محارَبَتُهُ محارَبَةُ رسولِ الله(صلى الله عليه وآله)، كما أنّ محاربةَ رسولِ اللهِ هي محارَبَةُ اللهِ ، وذلكَ بنصّ رسولِ الله(صلى الله عليه وآله)، فعَنْ مَجْرُوحِ بْنِ زَيْد الذُّهْلِيِّ وَ كَانَ فِي وَفْدِ قَوْمِهِ إِلَى النَّبِيِّ(صلى الله عليه وآله)، فَتَلاَ هَذِهِ الآْيَةَ : (لا يَسْتَوِى أَصْحابُ النّارِ وَأَصْحابُ الْـجَنَّةِ أَصْحابُ الْـجَنَّة هُمُ الفائِزُونَ)  ، قَالَ: فَقُلْنَا : يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَنْ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ ؟ قَالَ : مَنْ أَطَاعَنِي وَ سَلَّمَ لِهَذَا مِنْ بَعْدِي» ، قَالَ : «وَ أَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ(صلى الله عليه وآله) بِكَفِّ عَلِيّ(عليه السلام) وَ هُوَ يَوْمَئِذ إِلَى جَنْبِهِ، فَرَفَعَهَا، وَ قَالَ : «أَلاَ إِنَّ عَلِيّاً مِنِّي وَ أَنَا مِنْهُ، فَمَنْ حَادَّهُ فَقَدْ حَادَّنِي، وَ مَنْ حَادَّنِي  فَقَدْ أَسْخَطَ اللهَ عَزَّ وَ جَلَّ». ثُمَّ قَالَ: «يَا عَلِيُّ، حَرْبُكَ حَرْبِي، وَسِلْمُكَ سِلْمِي، وَ أَنْتَ الْعَلَمُ بَيْنِي وَ بَيْنَ أُمَّتِي»  .
وفي خبر آخرَ عَنِ ابْنِ عَبَّاس قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ(صلى الله عليه وآله) : «مَنْ سَبَّ عَلِيّاً فَقَدْ سَبَّنِي، وَ مَنْ سَبَّنِي فَقَدْ سَبَّ اللهَ، وَ مَنْ سَبَّ اللهَ أُدْخِلَ نَارَ جَهَنَّمَ وَلَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ»  .
هذا حالُ منْ سبَّ أميرَ المؤمنين(عليه السلام)، فكيفَ بمنْ أتى بما هو أشدّ مِنْ ذلك ؟ حيثُ أنْكرَ إمامتَهُ ، وافترى وكذّبَ عليه ، وناصبَ له العداءَ، وحاربَه، وقاتَلَهُ وأتباعَهُ، وقتلَ الأنفسَ الزَكِيّةِ ؟  .

سيرةُ أمير المؤمنين  عليّ بن أبي طالب(عليه السلام)
أمّا سيِرَتُهُ(عليه السلام)، فَمِنْ جُمْلَتِهَا عَفْوُهُ ـ فِي حَرْبِ الجَمَلِ ـ عَنْ جَمَاعَة كانُوا مُسْتَحقّينَ للقتلِ بسببِ أفْعالهمْ ، فقدْ كانوا يَسبّونَ أوْلادَهُ وَمِنْهُم عائشةُ ، فَهِي التي كانتْ السبَبَ في أنْ يُنهبَ بيتُ المالِ مِنْ قِبَلِ أهْلِ البصِرةِ ، وإلقاءِ القبضِ على عاملِ الإمَامِ عليٍّ(عليه السلام)، وَنَتفِ شَعْرِ رأسِهِ وَلِحْيَتِهِ ، وقدْ خرَجوا على الإمامِ(عليه السلام)، فعندما جاءَ سهلٌ بن حنيف إلى الإمامِ(عليه السلام) وأخبره بالقضيّةِ عندها تهيّأ الإمَامُ(عليه السلام) لمحاربة أهلِ البصرةِ معَ أصحابه الذين كانوا معه ، وَهُم مِنْ أهلِ الحجازِ ، وعندَ وصولهم مفرقَ الكوفةِ التحقَ أهلُ الكوفةِ بالإمام(عليه السلام) لقتالِ أهلِ البصرةِ ، وبذلكَ حصلتْ الوقعةُ المعروفةُ بحربِ الجملِ ، وهي مِنْ الوقائع المشهورةِ ، وقدْ قُتل مِنْ الطرفين اُناس كثيرونَ كلّهم مُسْلِمُونَ ، وقد انتصرَ أميرُ المؤمنين(عليه السلام) على أعدائه، وفرّ الباقون ، فنادى(عليه السلام) : «يا أهلَ البصرةِ، كُلُّ مَن أَلقى سلاحَه فهو آمنٌ، وكُلُّ مَن دَخلَ في مُعَسكَرِنا فهو آمِنٌ» ، ورفعَ عنهم السيفَ ، وقال : «لقدْ عاملتُهم كما عاملَ رسولُ الله(صلى الله عليه وآله) أهلَ مكّةَ يومَ الفتحِ ، ولمْ يَقتلِ الهاربَ منهم ، مع أنّه(عليه السلام) كانَ يمكنُه قَتلُهم ، وكانوا يستحقّون ذلكَ  .

سائرُ مناقبِ أمير المؤمنين(عليه السلام)
وله(عليه السلام) فضائلُ ومناقبُ جمّة ـ غير ما ذكرناهُ سابقاً ـ وقدْ دوّنتْ فيها الكتبُ والمجامعُ، وانتشرتْ في الآفاقِ مع سعي أعدائه سعياً حثيثاً لإخفاءِ فضائلهِ وكراماتهِ ومعجزاته إلاّ أنّه مع ذلكَ، فالأخبارُ الواصلةُ في فضائلِهِ كثيرةٌ تفوقُ حدَّالحصرِ والإحصاءِ  : منها :
1. رَوَى الشيخُ الصَّدُوق عَنْ ابْنِ إِدْرِيسَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هَاشِم، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَان، عَنْ أَبِي الْجَارُودِ، عَنِ ابْنِ جُبَيْر، عَنِ ابْنِ عَبَّاس، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ(صلى الله عليه وآله): «وَلاَيَةُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِب وَلاَيَةُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ ، وَ حُبُّهُ عِبَادَةُ اللَّهِ ، وَ اتِّبَاعُهُ فَرِيضَةُ اللَّهِ، وَأَوْلِيَاؤُهُ أَوْلِيَاءُ اللَّهِ ، وَأَعْدَاؤُهُ أَعْدَاءُ اللَّهِ ، وَ حَرْبُهُ حَرْبُ اللَّهِ،وَ سِلْمُهُ سِلْمُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ  .
2. رَوَى حَمْزَةُ بْنُ مُحَمَّد الْعَلَوِيُّ عَنْ عَلِيّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ مَعْبَد، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ خَالِد، عَنِ الرِّضَا، عَنْ آبَائِهِ(عليهم السلام): «قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ(صلى الله عليه وآله): يَا عَلِيُّ، أَنْتَ أَخِي، وَ وَزِيرِي، وَ صَاحِبُ لِوَائِي فِي الدُّنْيَا وَ الآْخِرَةِ، وَ أَنْتَ صَاحِبُ حَوْضِي،مَنْ أَحَبَّكَ أَحَبَّنِي، وَ مَنْ أَبْغَضَكَ أَبْغَضَنِي»  .
3. رَوَى الشيخُ الصَّدُوقُ عَنْ سَعْد، عَنْ عبادِ بْنِ سُلَيْمَانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سُلَيْمَانَ، عَنْ أَبِيهِ سُلَيْمَانَ الدَّيْلَمِيِّ، عَنْ عُمَرَ بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ مِيثَم عَنْ أَبِي سُخَيْلَةَ، قَالَ: أَتَيْتُ أَبَا ذَرّ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ، فَقُلْتُ: يَا أَبَا ذَرّ، إِنِّي قَدْ رَأَيْتُ اخْتِلاَفاً، فَمَا ذَا تَأْمُرُنِي ؟ قَالَ : عَلَيْكَ بِهَاتَيْنِ الْخَصْلَتَيْنِ: كِتَابِ اللَّهِ، وَ الشَّيْخِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِب; فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ(صلى الله عليه وآله) يَقُولُ : «هَذَا أَوَّلُ مَنْ آمَنَ بِي، وَ أَوَّلُ مَنْ يُصَافِحُنِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَ هُوَ الصِّدِّيقُ الاَْكْبَرُ، وَ هُوَ الْفَارُوقُ الَّذِي يُفَرِّقُ بَيْنَ الْحَقِّ وَ الْبَاطِلِ»  .
4. رَوَى أَنَسٌ بْنُ مَالِك قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ(صلى الله عليه وآله): «إِنَّ اللهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى يَبْعَثُ أُنَاساً وُجُوهُهُمْ مِنْ نُور، عَلَى كَرَاسِيَّ مِنْ نُور عَلَيْهِمْ ثِيَابٌ مِنْ نُور فِي ظِلِّ الْعَرْشِ بِمَنْزِلَةِ الاَْنْبِيَاءِ، وَ لَيْسُوا بِالاَْنْبِيَاءِ، وَ بِمَنْزِلَةِ الشُّهَدَاءِ وَ لَيْسُوا بِالشُّهَدَاءِ» .
فَقَالَ رَجُلٌ : أَنَا مِنْهُمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ . قَالَ : «لاَ» .
قَالَ : آخَرُ : أَنَا مِنْهُمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ . قَالَ : «لاَ» .
قِيلَ : مَنْ هُمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟
قَالَ : فَوَضَعَ يَدَهُ عَلَى رَأْسِ عَلِيّ وَ قَالَ : «هَذَا وَشِيعَتُهُ»  .
5. رَوَى ابْنُ إِدْرِيسَ عَنْ أَبِيهِ، عَنِ الاَْشْعَرِيِّ، عَنِ ابْنِ هَاشِم، عَنْ عَمْرِو بْنِ عُثْمَانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُذَافِرَ، عَنْ أَبِي حَمْزَةَ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الخرور (الْحَزَوَّرِ)، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ أَبِي سَعِيد، قَالَ : أَتَتْ فَاطِمَةُ(عليها السلام) النَّبِيَّ(صلى الله عليه وآله)، فَذَكَرَتْ عِنْدَهُ ضَعْفَ الْحَالِ، فَقَالَ لَهَا : «أَمَا تَدْرِينَ مَا مَنْزِلَةُ عَلِيّ عِنْدِي ؟ كَفَانِي أَمْرِي وَ هُوَ ابْنُ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ سَنَةً، وَضَرَبَ بَيْنَ يَدَيَّ بِالسَّيْفِ وَ هُوَ ابْنُ سِتَّ عَشْرَةَ سَنَةً، وَ قَتَلَ الاَْبْطَالَ وَ هُوَ ابْنُ تِسْعَ عَشْرَةَ سَنَةً، وَ فَرَّجَ هُمُومِي وَ هُوَ ابْنُ عِشْرِينَ سَنَةً، وَرَفَعَ بَابَ خَيْبَرَ وَ هُوَ ابْنُ اثْنَتَيْنِ وَعِشْرِينَ سَنَةً، وَ كَانَ لاَ يَرْفَعُهُ خَمْسُونَ رَجُلاً» .
قَالَ: فَأَشْرَقَ لَوْنُ فَاطِمَةَ(عليها السلام) وَلَمْ تَقِرَّ قَدَمَاهُ حَتَّى أَتَتْ عَلِيّاً(عليه السلام) فَأَخْبَرَتْهُ، فَقَالَ: «كَيْفَ لَوْ حَدَّثَكِ بِفَضْلِ اللَّهِ عَلَيَّ كُلِّهِ ؟»  .
6. رَوَى الصَّدوقُ عَنِ ابْنِ مُوسَى، عَنِ ابْنِ زَكَرِيَّا، عَنِ ابْنِ حَبِيب، عَنْ عَبْدِ الرَّحِيمِ بْنِ عَلِيّ الْجَبَلِيِّ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ نَضْر، عَنْ عُمَرَ بْنِ طَلْحَةَ، عَنْ أَسْبَاط بْنِ نَضْر، عَنْ سماط (سِمَاكِ) بْنِ حَرْب، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْر، قَالَ: أَتَيْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاس فَقُلْتُ لَهُ: يَا ابْنَ عَمِّ رَسُولِ اللَّهِ، إِنِّي جِئْتُكَ أَسْأَلُكَ عَنْ عَلِيٍّ بْنِ أَبِي طَالِب وَاخْتِلاَفِ النَّاسِ فِيهِ ؟ فَقَالَ  ابْنُ عَبَّاس: يَا ابْنَ جُبَيْر، جِئْتَنِي تَسْأَلُنِي عَنْ خَيْرِ خَلْقِ اللَّهِ مِنَ الاُْمَّةِ بَعْدَ مُحَمَّد  نَبِيِّ اللَّهِ، جِئْتَنِي تَسْأَلُنِي عَنْ رَجُل كَانَتْ لَهُ ثَلاَثَةُ آلاَفِ مَنْقَبَة فِي لَيْلَة وَاحِدَة وَ هِيَ لَيْلَةُ الْقِرْبَةِ  .
يَا ابْنَ جُبَيْر، جِئْتَنِي تَسْأَلُنِي عَنْ وَصِيِّ رَسُولِ اللَّهِ، وَ وَزِيرِهِ، وَ خَلِيفَتِهِ، وَ صَاحِبِ حَوْضِهِ، وَ لِوَائِهِ، وَ شَفَاعَتِهِ، وَ الَّذِي نَفْسُ ابْنِ عَبَّاس بِيَدِهِ; لَوْ كَانَتْ بِحَارُ الدُّنْيَا مِدَاداً وَ الاَْشْجَارُ أَقْلاَماً وَ أَهْلُهَا كُتَّاباً فَكَتَبُوا مَنَاقِبَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِب وَ فَضَائِلَهُ مِنْ يَوْم خَلَقَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ الدُّنْيَا إِلَى أَنْ يُفْنِيَهَا مَا بَلَغُوا مِعْشَارَ مَا آتَاهُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى  .
7. رَوَى أَبُو سَعِيد الْخُدْرِيُّ، قَالَ : كُنْتُ مَعَ النَّبِيِّ(صلى الله عليه وآله) بِمَكَّةَ إِذْ وَرَدَ عَلَيْهِ أَعْرَابِيٌّ طَوِيلُ الْقَامَةِ، عَظِيمُ الْهَامَّةِ، مُحْتَزِمٌ بِكِسَاء، وَ مُلْتَحِف بِعَبَاء قُطْوَانِيّ قَدْ تَنَكَّبَ قَوْساً لَهُ وَ كِنَانَةً، فَقَالَ لِلنَّبِيِّ(صلى الله عليه وآله) : يَا مُحَمَّدُ، أَيْنَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِب مِنْ قَلْبِكَ ؟ فَبَكَى رَسُولُ اللَّهِ(صلى الله عليه وآله)بُكَاءً شَدِيداً حَتَّى ابْتَلَّتْ وَجْنَتَاهُ مِنْ دُمُوعِهِ، وَ أَلْصَقَ خَدَّهُ بِالاَْرْضِ، ثُمَّ وَثَبَ كَالْمُنْفَلِتِ مِنْ عِقَالِهِ، وَ أَخَذَ بِقَائِمَةِ الْمِنْبَرِ، ثُمَّ قَالَ: «يَا أَعْرَابِيُّ، وَ الَّذِي فَلَقَ الْحَبَّةَ، وَ بَرَأَ النَّسَمَةَ، وَ سَطَحَ الاَْرْضَ عَلَى وَجْهِ الْمَاءِ; لَقَدْ سَأَلْتَنِي عَنْ سَيِّدِ كُلِّ أَبْيَضَ وَأَسْوَدَ، وَ أَوَّلِ مَنْ صَامَ وَ زَكَّى، وَ تَصَدَّقَ وَ صَلَّى الْقِبْلَتَيْنِ، وَ بَايَعَ الْبَيْعَتَيْنِ، وَ هَاجَرَ الْهِجْرَتَيْنِ، وَ حَمَلَ الرَّايَتَيْنِ، وَ فَتَحَ بَدْراً وَ حنين ]حُنَيْناً[ ثُمَّ لَمْ يَعْصِ اللهَ طَرْفَةَ عَيْن». قَالَ : فَغَابَ الاَْعْرَابِيُّ مِنْ بَيْنِ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ(صلى الله عليه وآله) ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ(صلى الله عليه وآله)لاَِبِي سَعِيد : «يَا أَخَا جُهَيْنَةَ، هَلْ عَرَفْتَ مَنْ كَانَ يُخَاطِبُنِي فِي ابْنِ عَمِّي عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِب ؟» فَقَالَ: اللَّهُ وَ رَسُولُهُ أَعْلَمُ ، قَالَ : «كَانَ وَ اللَّهِ جَبْرَئِيلَ هَبَطَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الاَْرْضِ لِيَأْخُذَ عُهُودَكُمْ وَمَوَاثِيقَكُمْ لِعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِب»  .
8. رَوَى أبو هَارُونَ، قَالَ : أَتَيْتُ أَبَا سَعِيد الْخدْرِيَّ فَقُلْتُ لَهُ : هَلْ شَهِدْتَ بَدْراً ؟ قَالَ : نَعَمْ ، قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ(صلى الله عليه وآله) يَقُولُ لِفَاطِمَةَ(عليها السلام) وَقَدْ جَاءَتْهُ ذَاتَ يَوْم تَبْكِي وَ تَقُولُ : «يَا رَسُولَ اللَّهِ، عَيَّرَتْنِي نِسَاءُ قُرَيْش بِفَقْرِ عَلِيّ» ، فَقَالَ لَهَا النَّبِيُّ(صلى الله عليه وآله) : «أَمَا تَرْضَيْنَ يَا فَاطِمَةُ أَنِّي زَوَّجْتُكِ أَقْدَمَهُمْ سِلْماً، وَ أَكْثَرَهُمْ عِلْماً، إِنَّ اللهَ تَعَالَى اطَّلَعَ إِلَى أَهْلِ الاَْرْضِ اطِّلاَعَةً فَاخْتَارَ مِنْهُمْ أَبَاكِ فَجَعَلَهُ نَبِيّاً، وَ اطَّلَعَ إِلَيْهِمْ ثَانِيَةً فَاخْتَارَ مِنْهُمْ بَعْلَكِ فَجَعَلَهُ وَصِيّاً، وَ أَوْحَى اللَّهُ إِلَيَّ أَنْ أُنْكِحَكِ إِيَّاهُ، أَ مَا عَلِمْتِ يَا فَاطِمَةُ أَنَّكِ لِكَرَامَةِ اللَّهِ إِيَّاكِ زَوَّجَكِ أَعْظَمَهُمْ حِلْماً، وَ أَكْثَرَهُمْ عِلْماً، وَ أَقْدَمَهُمْ سِلْماً»، فَضَحِكَتْ فَاطِمَةُ(عليها السلام)وَاسْتَبْشَرَتْ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ(صلى الله عليه وآله) : «يَا فَاطِمَةُ، إِنَّ لِعَلِيّ ثَمَانِيَةَ أَضْرَاس قَوَاطِعَ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لاَِحَد مِنَ الاَْوَّلِينَ وَ الآْخِرِينَ مِثْلَهَا: هُوَ أَخِي فِي الدُّنْيَا وَ الآْخِرَةِ، وَلَيْسَ ذَلِكَ لاَِحَد مِنَ النَّاسِ، وَ أَنْتِ يَا فَاطِمَةُ سَيِّدَةُ نِسَاءِ أَهْلِ الْجَنَّةِ زَوْجَتُهُ، وَ سِبْطَا الرَّحْمَةِ سِبْطَايَ وُلْدُهُ، وَ أَخُوهُ الْمُزَيَّنُ بِالْجَنَاحَيْنِ فِي الْجَنَّةِ يَطِيرُ مَعَ الْمَلاَئِكَةِ حَيْثُ يَشَاءُ، وَعِنْدَهُ عِلْمُ الاَْوَّلِينَ وَالآْخِرِينَ، وَ هُوَ أَوَّلُ مَنْ آمَنَ بِي، وَ آخِرُ النَّاسِ عَهْداً بِي، وَهُوَ وَصِيِّي، وَ وَارِثُ الْوَصِيِّينَ»  .
9. رَوَى أبو ذَرّ الْغِفَارِيِّ، قَالَ : كُنْتُ جَالِساً عِنْدَ النَّبِيِّ(صلى الله عليه وآله) ذَاتَ يَوْم فِي مَنْزِلِ أُمِّ سَلَمَةَ وَ رَسُولُ اللَّهِ(صلى الله عليه وآله)يُحَدِّثُنِي وَأَنَا أَسْمَعُ; إِذْ دَخَلَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِب(عليه السلام) فَأَشْرَقَ وَجْهُهُ نُوراً فَرَحاً بِأَخِيهِ وَ ابْنِ عَمِّهِ ثُمَّ ضَمَّهُ إِلَيْهِ وَ قَبَّلَ بَيْنَ عَيْنَيْهِ، ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَيَّ فَقَالَ: «يَا أَبَا ذَرّ، أَ تَعْرِفُ هَذَا الدَّاخِلَ عَلَيْنَا حَقَّ مَعْرِفَتِهِ» ؟ قَالَ أَبُو ذَرّ: فَقُلْتُ: يَارَسُولَ اللَّهِ، هَذَا أَخُوكَ، وَابْنُ عَمِّكَ، وَزَوْجُ فَاطِمَةَ الْبَتُولِ، وَ أَبُو الْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ سَيِّدَيْ شَبَابِ أَهْلِ الْجَنَّةِ .
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ(صلى الله عليه وآله):«يَا أَبَا ذَرّ، هَذَا الاِْمَامُ الاَْزْهَرُ، وَ رُمْحُ اللَّهِ الاَْطْوَلُ، وَ بَابُ اللَّهِ الاَْكْبَرُ، فَمَنْ أَرَادَ اللهَ فَلْيَدْخُلِ الْبَابَ» .
يَا أَبَا ذَرّ، هَذَا الْقَائِمُ بِقِسْطِ اللَّهِ، وَ الذَّابُّ عَنْ حَرِيمِ اللَّهِ، وَ النَّاصِرُ لِدِينِ اللَّهِ، وَ حُجَّةُ اللَّهِ عَلَى خَلْقِهِ، إِنَّ اللهَ تَعَالَى لَمْ يَزَلْ يَحْتَجُّ بِهِ عَلَى خَلْقِهِ فِي الاُْمَمِ كُلِّ أُمَّة يَبْعَثُ فِيهَا نَبِيّاً .
يَا أَبَا ذَرّ، إِنَّ اللهَ تَعَالَى جَعَلَ عَلَى كُلِّ رُكْن مِنْ أَرْكَانِ عَرْشِهِ سَبْعِينَ أَلْفَ مَلَك لَيْسَ لَهُمْ تَسْبِيحٌ، وَ لاَ عِبَادَةٌ إِلاَّ الدُّعَاء لِعَلِيّ وَ شِيعَتِهِ، وَ الدُّعَاءَ عَلَى أَعْدَائِهِ
يَا أَبَا ذَرّ، لَوْ لاَ عَلِيٌّ مَا بَانَ الْحَقُّ مِنَ الْبَاطِلِ، وَ لاَ مُؤْمِنٌ مِنَ الْكَافِرِ، وَلاَ عُبِدَ اللَّهُ; لاَِنَّهُ ضَرَبَ رُؤوسَ الْمُشْرِكِينَ حَتَّى أَسْلَمُوا وَ عَبَدُوا اللهَ، وَلَوْلاَ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ ثَوَابٌ وَ لاَ عِقَابٌ، وَ لاَ يَسْتُرُهُ مِنَ اللَّهِ سِتْرٌ، وَ لاَ يَحْجُبُهُ مِنَ اللَّهِ حِجَابٌ، وَ هُوَ الْحِجَابُ وَ السِّتْرُ»، ثُمَّ قَرَأَ رَسُولُ اللَّهِ(صلى الله عليه وآله): (شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ ما وَصَّى بِهِ نُوحاً وَ الَّذِى أَوْحَيْنا إِلَيْكَ وَ ما وَصَّيْنا بِهِ إِبْراهِيمَ وَ مُوسى وَ عِيسى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَ لا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ ما تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ اللَّهُ يَجْتَبِى إِلَيْهِ مَنْ يَشاءُ وَ يَهْدِى إِلَيْهِ مَنْ يُنِيبُ) .
 يَا أَبَا ذَرّ، إِنَّ اللهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى تَفَرَّدَ بِمُلْكِهِ وَ وَحْدَانِيَّتِهِ، فَعَرَّفَ عِبَادَهُ الْمُخْلَصِينَ لِنَفْسِهِ، وَ أَبَاحَ لَهُمُ الْجَنَّةَ، فَمَنْ أَرَادَ أَنْ يَهْدِيَهُ عَرَّفَهُ وَلاَيَتَهُ، وَ مَنْ أَرَادَ أَنْ يَطْمسَ عَلَى قَلْبِهِ أَمْسَكَ عَنْهُ مَعْرِفَتَهُ .
 يَا أَبَا ذَرّ، هَذَا رَايَةُ الْهُدَى، وَ كَلِمَةُ التَّقْوَى، وَ الْعُرْوَةُ الْوُثْقَى، وَ إِمَامُ أَوْلِيَائِي، وَنُورُ مَنْ أَطَاعَنِي، وَهُوَ الْكَلِمَةُ الَّتِي أَلْزَمَهَا اللَّهُ الْمُتَّقِينَ، فَمَنْ أَحَبَّهُ كَانَ مُؤْمِناً، وَ مَنْ أَبْغَضَهُ كَانَ كَافِراً، وَمَنْ تَرَكَ وَلاَيَتَهُ كَانَ ضَالاًّ مُضِلاًّ، وَ مَنْ جَحَدَ وَلاَيَتَهُ كَانَ مُشْرِكاً.
يَا أَبَا ذَرّ، يُؤْتَى بِجَاحِدِ وَلاَيَةِ عَلِيّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَصَمَّ وَ أَعْمَى وَ أَبْكَمَ، فَيُكَبْكِبُ فِي ظُلُمَاتِ الْقِيَامَةِ يُنَادِي ياحَسْرَتا عَلى ما فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ، وَ فِي عُنُقِهِ طَوْقٌ مِنَ النَّارِ، لِذَلِكَ الطَّوْقِ ثَلاَثُمِائَةِ شُعْبَة، عَلَى كُلِّ شُعْبَة مِنْهَا شَيْطَانٌ يَتْفُلُ فِي وَجْهِهِ، وَ يَكْلَحُ مِنْ جَوْفِ قَبْرِهِ إِلَى النَّارِ.
قَالَ أَبُو ذَرّ: فَقُلْتُ: ـ فِدَاكَ أَبِي وَ أُمِّي يَا رَسُولَ اللَّهِ ـ مَلاَْتَ قَلْبِي فَرَحاً وَسُرُوراً، فَزِدْنِي، فَقَالَ: «نَعَمْ إِنَّهُ لَمَّا عُرِجَ بِي إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا أَذَّنَ مَلَكٌ مِنَ الْمَلاَئِكَةِ، وَ أَقَامَ الصَّلاَةَ فَأَخَذَ بِيَدِي جَبْرَئِيلُ(عليه السلام) فَقَدَّمَنِي، فَقَالَ لِي:يَا مُحَمَّدُ، صَلِّ بِالْمَلاَئِكَةِ فَقَدْ طَالَ شَوْقُهُمْ إِلَيْكَ، فَصَلَّيْتُ بِسَبْعِينَ صَفّاً مِنَ الْمَلاَئِكَةِ، الصَّفُّ مَا بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَ الْمَغْرِبِ لاَ يَعْلَمُ عَدَدَهُمْ إِلاَّ الَّذِي خَلَقَهُمْ، فَلَمَّا قُُضِيتِ الصَّلاةُ أَقْبَلَ إِلَيَّ شِرْذِمَةٌ مِنَ الْمَلاَئِكَةِ يُسَلِّمُونَ عَلَيَّ، وَ يَقُولُونَ: لَنَا إِلَيْكَ حَاجَةٌ، فَظَنَنْتُ أَنَّهُمْ يَسْأَلُوني الشَّفَاعَةَ; لاَِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ فَضَّلَنِي بِالْحَوْضِ وَ الشَّفَاعَةِ عَلَى جَمِيعِ الاَْنْبِيَاءِ، فَقُلْتُ: مَا حَاجَتُكُمْ مَلاَئِكَةَ رَبِّي ؟
قَالُوا: إِذَا رَجَعْتَ إِلَى الاَْرْضِ فَأَقْرِئْ عَلِيّاً مِنَّا السَّلاَمَ، وَ أَعْلِمْهُ بِأَنَّا قَدْ طَالَ شَوْقُنَا إِلَيْهِ، فَقُلْتُ: مَلاَئِكَةَ رَبِّي، تَعْرِفُونَنَا حَقَّ مَعْرِفَتِنَا ؟ فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لِمَ لاَ نَعْرِفُكُمْ وَ أَنْتُمْ أَوَّلُ خَلْق خَلَقَهُ اللَّهُ، خَلَقَكُمُ اللَّهُ أَشْبَاحَ نُور فِي نُور مِنْ نُورِ اللَّهِ، وَ جَعَلَ لَكُمْ مَقَاعِدَ فِي مَلَكُوتِهِ بِتَسْبِيح وَ تَقْدِيس وَ تَكْبِير لَهُ»  .
10. رَوَى أبو ذَرّ الْغِفَارِيِّ ـ أيضاً ـ قَالَ : بَيْنَمَا ذَاتَ يَوْم مِنَ الاَْيَّامِ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ(صلى الله عليه وآله) إِذْ قَامَ وَ رَكَعَ وَ سَجَدَ شُكْراً لِلَّهِ تَعَالَى، ثُمَّ قَالَ «يَا جُنْدَبُ، مَنْ أَرَادَ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى آدَمَ فِي عِلْمِهِ، وَ إِلَى نُوح فِي فَهْمِهِ، وَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ فِي خلَّتِهِ، وَ إِلَى مُوسَى فِي مُنَاجَاتِهِ، وَ إِلَى عِيسَى فِي سِيَاحَتِهِ، وَ إِلَى أَيُّوبَ فِي صَبْرِهِ وَ بَلاَئِهِ، فَلْيَنْظُرْ إِلَى هَذَا الرَّجُلِ الْمُقَابِلِ الَّذِي هُوَ كَالشَّمْسِ وَ الْقَمَرِ السَّارِي، وَ الْكَوْكَبِ الدُّرِّيِّ، أَشْجَعِ النَّاسِ قَلْباً، وَأَسْخَى النَّاسِ كَفّاً، فَعَلَى مُبْغِضِهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَ الْمَلاَئِكَةِ وَ النَّاسِ أَجْمَعِينَ». قَالَ: فَالْتَفَتَ النَّاسُ يَنْظُرُونَ مَنْ هَذَا الْمُقْبِلُ ؟ فَإِذَا هُوَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِب عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ.

معجزاتُ أميرِ المؤمنينَ(عليه السلام)
رُوِيَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ حَمْزَةَ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ، عَنْ أَبِيهِ(عليهما السلام)، قَالَ : «كَانَ عَلِيٌّ(عليه السلام)يُنَادِي: مَنْ كَانَ لَهُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ(صلى الله عليه وآله) عِدَةٌ أَوْ دَيْنٌ فَلْيَأْتِنِي، فَكَانَ كُلُّ مَنْ أَتَاهُ يَطْلُبُ دَيْناً أَوْ عِدَةً يَرْفَعُ مُصَلاَّهُ فَيَجِدُ ذَلِكَ كَذَلِكَ تَحْتَهُ، فَيَدْفَعُهُ إِلَيْهِ .
فَقَالَ الثَّانِي لِلاَْوَّلِ : ذَهَبَ هَذَا بِشَرَفِ الدُّنْيَا فِي هَذَا دُونَنَا فَمَا الْحِيلَةُ ؟
فَقَالَ : لَعَلَّكَ لَوْ نَادَيْتَ كَمَا نَادَى هُوَ كُنْتَ تَجِدُ ذَلِكَ كَمَا يَجِدُ هُوَ، وَ إِذَا كَانَ إِنَّمَا تَقْضِي عَنْ رَسُولِ اللَّهِ .
فَنَادَى أَبُو بِكْر كَذَلِكَ، فَعَرَفَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ(عليه السلام) الْحَالَ، فَقَالَ : «أَمَا إِنَّهُ سَيَنْدَمُ عَلَى مَا  فَعَلَ» .
فَلَمَّا كَانَ مِنَ الْغَدِ أَتَاهُ أَعْرَابِيٌّ وَ هُوَ جَالِسٌ فِي جَمَاعَة مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالاَْنْصَارِ .
فَقَالَ : أَيُّكُمْ وَصِيُّ رَسُولِ اللَّهِ ؟ فَأُشِيرَ إِلَى أَبِي بَكْر ؟
فَقَالَ : أَنْتَ وَصِيُّ رَسُولِ اللَّهِ وَ خَلِيفَتُهُ ؟ قَالَ : نَعَمْ، فَمَا تَشَاءُ ؟
قَالَ : فَهَلُمَّ الثَّمَانِينَ النَّاقَةَ الَّتِي ضَمِنَ لِي رَسُولُ اللَّهِ . قَالَ : وَ مَا هَذِهِ النُّوقُ ؟ قَالَ : ضَمِنَ لِي رَسُولُ اللَّهِ(صلى الله عليه وآله) ثَمَانِينَ نَاقَةً حَمْرَاءَ كُحْلَ الْعُيُونِ .
فَقَالَ لِعُمَرَ : كَيْفَ نَصْنَعُ الآْنَ ؟
قَالَ : إِنَّ الاَْعْرَابَ جُهَّالٌ، فَاسْأَلْهُ أَ لَكَ شُهُودٌ بِمَا تَقُولُ فَطَلَبَهُمْ مِنْهُ .
قَالَ : ومِثْلِي يَطْلَبُ الشُّهُودَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ(صلى الله عليه وآله) بِمَا يَتَضَمَّنُهُ ؟ ! وَ اللَّهِ; مَا أَنْتَ بِوَصِيِّ رَسُولِ اللَّهِ وَخَلِيفَتِهِ .
فَقَامَ إِلَيْهِ سَلْمَانُ وَقَالَ : يَا أَعْرَابِيُّ، اتَّبِعْنِي أَدُلَّكَ عَلَى وَصِيِّ رَسُولِ اللَّهِ(صلى الله عليه وآله)، فَتَبِعَهُ الاَْعْرَابِيُّ حَتَّى انْتَهَى إِلَى عَلِيّ(عليه السلام) .
فَقَالَ : أَنْتَ وَصِيُّ رَسُولِ اللَّهِ ؟ قَالَ : نَعَمْ،فَمَا تَشَاءُ ؟ .
قَالَ : إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ(صلى الله عليه وآله) ضَمِنَ لِي ثَمَانِينَ نَاقَةً حَمْرَاءَ كُحْلَ الْعُيُونِ فَهَلُمَّهَا .
فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ(عليه السلام) : أَسْلَمْتَ أَنْتَ وَ أَهْلُ بَيْتِكَ ، فَانْكَبَّ الاَْعْرَابِيُّ عَلَى يَدَيْهِ يُقَبِّلُهَا وَ هُوَ يَقُولُ : أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ، وَأَنَّكَ وَصِيُّ رَسُولِ اللَّهِ(صلى الله عليه وآله) وَخَلِيفَتُهُ، فَبِهَذَا وَقَعَ الشَّرْطُ بَيْنِي وَ بَيْنَهُ، وَ قَدْ أَسْلَمْنَا جَمِيعاً .
فَقَالَ عَلِيٌّ(عليه السلام) : يَا حَسَنُ، انْطَلِقْ أَنْتَ وَ سَلْمَانُ مَعَ هَذَا الاَْعْرَابِيِّ إِلَى وَادِي فُلاَن فَنَادِ : يَا صَالِحُ يَا صَالِحُ، فَإِذَا أَجَابَكَ ، فَقُلْ : إِنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ يَقْرَأُ عَلَيْكَ السَّلاَمَ وَيَقُولُ لَكَ : هَلُمَّ الثَّمَانِينَ النَّاقَةَ الَّتِي ضَمِنَهَا رَسُولُ اللَّهِ(صلى الله عليه وآله) لِهَذَا الاَْعْرَابِيِّ .
قَالَ سَلْمَانُ : فَمَضَيْنَا إِلَى الْوَادِي، فَنَادَى الْحَسَنُ فَأَجَابَهُ : لَبَّيْكَ يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ، فَأَدَّى إِلَيْهِ رِسَالَةَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ(عليه السلام)، فَقَالَ: السَّمْعَ وَالطَّاعَةَ، فَلَمْ يَلْبَثْ إِذَا ]أَنْ[ خَرَجَ إِلَيْنَا زِمَامُ نَاقَة مِنَ الاَْرْضِ، فَأَخَذَ الْحَسَنُ(عليه السلام) الزِّمَامَ فَنَاوَلَهُ الاَْعْرَابِيَّ ، فَقَالَ: خُذْ ، وَجَعَلَتِ النُّوقُ يَخْرُجُ حَتَّى تَمَّ الثَّمَانُونَ عَلَى الصِّفَةِ»  .

حديثُ ردِّ الشمسِ
إِنَّ رَدَّ الشَّمْسِ مِمَّا أَظْهَرَهُ اللَّهُ تَعَالَى لأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِب(عليه السلام) مَرَّتَيْنِ ، وَهوَ مَا اسْتَفَاضَتْ بِهِ الاَْخْبَارُ، وَ رَوَاهُ عُلَمَاءُ السِّيَرِ وَ الآْثَارِ، وَ نَظَمَتْ فِيهِ الشُّعَرَاءُ الاَْشْعَارَ .

رّد الشمس في الْمَرَّة الاُْولَى
مَا رَوَتْهُ أَسْمَاءُ بِنْتُ عُمَيْس وَ أُمُّ سَلَمَةَ زَوْجَةُ النَّبِيِّ(صلى الله عليه وآله) وَ جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الاَْنْصَارِيُّ وَ أَبُو سَعِيد الْخُدْرِيُّ فِي جَمَاعَة مِنَ الصَّحَابَةِ أَنَّ النَّبِيَّ(صلى الله عليه وآله) كَانَ ذَاتَ يَوْم فِي مَنْزِلِهِ، وَ عَلِيٌّ(عليه السلام) بَيْنَ يَدَيْهِ، إِذْ جَاءَهُ جَبْرَئِيلُ(عليه السلام) يُنَاجِيهِ عَنِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ، فَلَمَّا تَغَشَّاهُ الْوَحْيُ تَوَسَّدَ فَخِذَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ(عليه السلام)، فَلَمْ يَرْفَعْ رَأْسَهُ عَنْهُ حَتَّى غَربَتِ الشَّمْسُ فَاصْطَبَر أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ(عليه السلام) لِذَلِكَ إِلَى صَلاَةِ الْعَصْرِ، فَصَلَّى أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ(عليه السلام) جَالِساً يُومِئُ بِرُكُوعِهِ وَ سُجُودِهِ إِيمَاءً .
فَلَمَّا أَفَاقَ مِنْ غَشْيَتِهِ قَالَ لاَِمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ(عليه السلام): «أَ فَاتَتْكَ صَلاَةُ الْعَصْرِ ؟» قَالَ : «لَمْ أَسْتَطِعْ أَنْ أُصَلِّيَهَا قَائِماً، لِمَكَانِكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَ الْحَالِ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْهَا فِي اسْتِمَاعِ الْوَحْيِ» .
فَقَالَ لَهُ : «اُدْعُ اللهَ حَتَّى يَرُدَّ عَلَيْكَ الشَّمْسَ لِتُصَلِّيَهَا قَائِماً فِي وَقْتِهَا كَمَا فَاتَتْكَ، فَإِنَّ اللهَ تَعَالَى يُجِيبُكَ لِطَاعَتِكَ لِلَّهِ وَ رَسُولِهِ»، فَسَأَلَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ(عليه السلام) اللهَ فِي رَدِّ الشَّمْسِ فَرُدَّتْ حَتَّى صَارَتْ فِي مَوْضِعِهَا مِنَ السَّمَاءِ وَقْتَ صَلاَةِ الْعَصْرِ ، فَصَلَّى أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ(عليه السلام) صَلاَةَ الْعَصْرِ فِي وَقْتِهَا ثُمَّ غَربَتْ، فَقَالَتْ أَسْمَاءُ : أَمْ وَ اللَّهِ لَقَدْ سَمِعْنَا لَهَا عِنْدَ غُرُوبِهَا صَرِيراً كَصَرِيرِ الْمِنْشَارِ فِي الْخَشَبِ.

رّد الشمس في الْمَرَّة الثَانِيَة
رُوِيَ عَنْ جُوَيْرِيَةَ بْنِ مُسْهِر أَنَّهُ قَالَ : أَقْبَلْنَا مَعَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِب(عليه السلام)مِنْ قَتْلِ الْخَوَارِجِ حَتَّى إِذَا قَطَعْنَا فِي أَرْضِ بَابِلَ حَضَرَتْ صَلاَةُ الْعَصْرِ فَنَزَلَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ(عليه السلام) وَ نَزَلَ النَّاسُ فَقَالَ عَلِيٌّ(عليه السلام) : «أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّ هَذِهِ أَرْضٌ مَلْعُونَةٌ قَدْ عُذِّبَتْ فِي الدَّهْرِ ثَلاَثَ مرّات وَ هِيَ تَتَوَقَّعُ الثَّالِثَةَ: وَ هِيَ إِحْدَى الْمُؤْتَفِكَاتِ، وَهِيَ أَوَّلُ أَرْض عُبِدَ فِيهَا وَثَنٌ، وَ إِنَّهُ لاَ يَحِلُّ لِنَبِيّ وَ لاَ لِوَصِيِّ نَبِيّ أَنْ يُصَلِّيَ فِيهَا، فَمَنْ أَرَادَ مِنْكُمْ أَنْ يُصَلِّيَ فَلْيُصَلِّ .
فَمَالَ النَّاسُ عَنْ جَنْبَيِ الطَّرِيقِ يُصَلُّونَ وَ رَكِبَ هُوَ(عليه السلام) بَغْلَةَ رَسُولِ اللَّهِ(صلى الله عليه وآله)وَمَضَى .
قَالَ جُوَيْرِيَةُ فَقُلْتُ : وَ اللَّهِ; لاََتَّبِعَنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ(عليه السلام)، وَلاَُقَلِّدَنَّهُ صَلاَتِيَ الْيَوْمَ، فَمَضَيْتُ خَلْفَهُ، فَوَ اللَّهِ; مَا جُزْنَا جِسْرَ سُورَاءَ حَتَّى غَابَتِ الشَّمْسُ فَشَكَكْتُ، فَالْتَفَتَ إِلَيَّ وَ قَالَ: «يَا جُوَيْرِيَةُ، أَ شَكَكْتَ» ؟ فَقُلْتُ: نَعَمْ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، فَنَزَلَ(عليه السلام) عَنْ نَاحِيَة فَتَوَضَّأَ ثُمَّ قَامَ فَنَطَقَ بِكَلاَم لاَ أُحْسِنُهُ إِلاَّ كَأَنَّهُ بِالْعِبْرَانِيِّ، ثُمَّ نَادَى «الصَّلاَةَ» فَنَظَرْتُ وَاللَّهِ إِلَى الشَّمْسِ قَدْ خَرَجَتْ مِنْ بَيْنِ جَبَلَيْنِ، لَهَا صَرِيرٌ، فَصَلَّى الْعَصْرَ وَ صَلَّيْتُ مَعَهُ، فَلَمَّا فَرغْنَا مِنْ صَلاَتِنَا عَادَ اللَّيْلُ، كَمَا كَانَ، فَالْتَفَتَ إِلَيَّ وَ قَالَ: «يَا جُوَيْرِيَةَ بْنَ مُسْهِر، إِنَّ اللهَ عَزَّ وَ جَلَّ يَقُولُ : (فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ) وَإِنِّي سَأَلْتُ اللهَ عَزَّ وَ جَلَّ بِاسْمِهِ الْعَظِيمِ فَرَدَّ عَلَيَّ الشَّمْسَ».

حديثُ رفعِ الصخرةِ
رَوَى الْبَرْقِيُّ عَنْ شُيُوخِهِ، عَمَّنْ خَبَّرَهُمْ، قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ(عليه السلام) نُرِيدُ صِفِّينَ، فَمَرَرْنَا بِكَرْبَلاَءَ، فَقَالَ(عليه السلام) : «أَتَدْرُونَ أَيْنَ هَاهُنَا ؟ وَ اللَّهِ; مَصَارِعُ الْحُسَيْنِ وَأَصْحَابُهُ» .
ثُمَّ سِرْنَا يَسِيراً، فَانْتَهَيْنَا إِلَى رَاهِب فِي صَوْمَعَة وَ قَدْ تَقَطَّعَ النَّاسُ مِنَ الْعَطَشِ،فَشَكَوْا ذَلِكَ إِلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ(عليه السلام)، وَ ذَلِكَ أَنَّهُ أَخَذَ طَرِيقَ الْبَرِّ وَ تَرَكَ الْفُرَاتَ عِيَاناً، فَدَنَا مِنَ الرَّاهِبِ وَ هَتَفَ بِهِ، فَأَشْرَفَ مِنْ صَوْمِعَتِهِ، فَقَالَ: «يَا رَاهِبُ، هَلْ قُرْبَ قَائِمِكَ مَاءٌ ؟» فَقَالَ: لاَ، فَسَارَ قَلِيلاً ثُمَّ نَزَلَ بِمَوْضِع فِيهِ رَمْلٌ، فَأَمَرَ النَّاسَ فَنَزَلُوا، وَأَمَرَهُمْ أَنْ يَبْحَثُوا ذَلِكَ الرَّمْلَ فَأَصَابُوا تَحْتَهُ صَخْرَةً بَيْضَاءَ فَاقْتَلَعَهَا أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ(عليه السلام) بِيَدِهِ، وَدَحَاهَا، وَإِذَا تَحْتَهَا مَاءٌ أَرَقُّ مِنَ الزُّلاَلِ، وَ أَعْذَبُ مِنْ كُلِّ مَاء، فَشَرِبُوا وَ ارْتَوَوْا، وَحَمَلُوا مِنْهُ، وَرَدَّ الصَّخْرَةَ وَ الرَّمْلَ كَمَا كَانَ ، قَالَ: فَسِرْنَا قَلِيلاً وَ قَدْ عَلِمَ كُلُّ وَاحِد مِنَ النَّاسِ مَكَانَ الْعَيْنِ، فَقَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ(عليه السلام): «بِحَقِّي عَلَيْكُمْ إِلاَّ رَجَعْتُمْ إِلَى مَوْضِعِ الْعَيْنِ، فَنَظَرْتُمْ هَلْ تَقْدِرُونَ عَلَيْهَا» ؟ فَرَجَعَ النَّاسُ يَقْفُونَ الاَْثَرَ إِلَى مَوْضِعِ الرَّمْلِ، فَبَحَثُوا ذَلِكَ الرَّمْلَ فَلَمْ يُصِيبُوا الْعَيْنَ، فَقَالُوا: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، لاَ وَ اللَّهِ مَا أَصَبْنَاهَا، وَ لاَ نَدْرِي أَيْنَ هِيَ ؟ قَالَ: فَأَقْبَلَ الرَّاهِبُ فَقَالَ: أَشْهَدُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، أَنَّ أَبِي أَخْبَرَنِي عَنْ جَدِّي وَكَانَ مِنْ حَوَارِيِّ عِيسَى(عليه السلام) أَنَّهُ قَالَ: إِنَّ تَحْتَ هَذَا الرَّمْلِ عَيْناً مِنْ مَاء أَبْيَضَ مِنَ الثَّلْجِ، وَأَعْذَبَ مِنْ كُلِّ مَاءِ عَذْب لاَ يَقَعُ عَلَيْهِ إِلاَّ نَبِيٌّ أَوْ وَصِيُّ نَبِيّ، وَ أَنَا أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَ رَسُولُهُ وَ أَنَّكَ وَصِيُّ رَسُولِ اللَّهِ(صلى الله عليه وآله) وَ خَلِيفَتُهُ، وَالْمُؤَدِّي عَنْهُ، وَ قَدْ رَأَيْتُ أَنْ أَصْحَبَكَ فِي سَفَرِكَ هَذَا فَيُصِيبَنِي مَا أَصَابَكَ مِنْ خَيْر أوْ شَرٍّ .
فَقَالَ لَهُ خَيْراً، وَ دَعَا لَهُ بِخَيْر، وَ قَالَ(عليه السلام): «يَا رَاهِبُ، الْزَمْنِي، وَ كُنْ قَرِيباً مِنِّي»، فَفَعَلَ، فَلَمَّا كَانَ لَيْلَةُ الْهَرِيرِ، وَالْتَقَى الْجَمْعَانِ، وَ اضْطَرَبَ النَّاسُ فِيمَا بَيْنَهُمْ قُتِلَ الرَّاهِبُ، فَلَمَّا أَصْبَحَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ(عليه السلام) قَالَ لاَِصْحَابِهِ : «انْهَضُوا بِنَا فَادْفِنُوا قَتْلاَكُمْ»، وَأَقْبَلَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ(عليه السلام) يَطْلُبُ الرَّاهِبَ حَتَّى وَجَدَهُ، فَصَلَّى عَلَيْهِ وَ دَفَنَهُ بِيَدِهِ فِي لَحْدِهِ، ثُمَّ قَالَ: «وَاللَّهِ، لَكَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَيْهِ وَ إِلَى مَنْزِلِهِ وَ زَوْجَتِهِ الَّتِي أَكْرَمَهُ اللَّهُ بِهَا»  .

قَلْعُ بَابَ خَيْبَر
ومِنْ معجزاتِهِ(عليه السلام) قَلْعُ بَابَ خَيْبَر، وَقدْ اجْتَمَعَ عَلَيْهِ عَصَبَةٌ مِنَ النَّاسِ لِيَقْلِبُوهُ فَلَمْ يَقْلِبُوهُ ، ووجه الإعجاز فيه واضحٌ، كَمَا قالَ(عليه السلام): «مَا قَلَعْتُ بَابَ خَيْبَر بِقُوَّة جِسْمَانِيَّة، بَلْ بِقُوَّة رَبَّانِيَّة»،  وَ هُوَ الَّذِي اقْتَلَعَ هُبلَ مِنْ أَعْلَى الْكَعْبَةِ وَ كَانَ عَظِيماً جِدّاً فَأَلْقَاهُ إِلَى الاَْرْضِ  .
ومَنْ أرادَ أنْ يقفَ على كراماتِهِ وَمَناقبهِ وَفضائلهِ(عليه السلام) ومناقب سائرِ الأئمّةِ الأطهارِ(عليهم السلام)، فليرجع إلى الموسوعاتِ الروائيّة، والمجاميعِ الحديثيّة ، وبما أنّنا بنيْنا هُنا على الاخْتصارِ فقدْ اكتفينا بما ذكرنا .

البيعةُ بعدَ الرسولِ الأكرم(صلى الله عليه وآله)
جَاءَ في كِتابِ الاعتبارِ في إبطالِ الاختيارِ  وقدْ رَواه صاحِبُ كتابِ المناقب  ، وَذَكرَهُ الشيخُ ]الطبرسي[ في كِتابِ الاحتجاجِ  في خبر طويل مختَصَرُهُ : أنَّ أبا بَكر عنْدَ أخْذِهِ البيعَةَ للخِلافَةِ اجْتَمَعَ النَاسُ في الجمْعةِ الأُوَلى وَصَعدَ أبو بَكر عَلى منبَرِ رَسُولِ اللهِ(صلى الله عليه وآله) يقرأ الخطبةَ ، فقامَ أميرُ المؤمنينِ(عليه السلام) مُطَالباً بِحقّهِ ، وَقدْ ذَكرَ مَا قالَهُ النبيُّ(صلى الله عليه وآله)في حقِّهِ فَقَالَ(عليه السلام): «أَنْشُدُ اللهَ رَجُلاً سَمِعَ النَّبِيَّ(صلى الله عليه وآله)يَوْمَ غَدِيرِ خُمّ يَقُولُ: «مَنْ كُنْتُ مَوْلاَهُ فَهَذَا عَلِيٌّ مَوْلاَهُ، اللَّهُمَّ، وَالِ مَنْ وَالاَهُ، وَ عَادِ مَنْ عَادَاهُ، وَ انْصُرْ مَنْ نَصَرَهُ، وَ اخْذُلْ مَنْ خَذَلَهُ، أَنْ يَشْهَدَ بِمَا سَمِعَ» .
قَالَ زَيْدُ بْنُ أَرْقَمَ: فَشَهِدَ اثْنَا عَشَرَ رَجُلاً بذلك وهم:
1. خالدُ بنُ سعيد بن العاصِ. فَقَامَ خَالِدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ وَ قَالَ: اتَّقِ اللهَ يَا أَبَا بَكْر، فَقَدْ عَلِمْتَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ(صلى الله عليه وآله) قَالَ: يَا مَعَاشِرَ الْمُهَاجِرِينَ وَ الاَْنْصَارِ، إِنِّي مُوصِيكُمْ بِوَصِيَّة فَاحْفَظُوهَا، وَ مُودِعُكُمْ أَمْراً فَاحْفَظُوهُ، أَلاَ إِنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِب(عليه السلام)أَمِيرُكُمْ بَعْدِي، وَ خَلِيفَتِي فِيكُمْ بِذَلِكَ أَوْصَانِي رَبِّي» .
2. سلمانُ الفارسيُّ. ثُمَّ قَامَ سَلْمَانُ الْفَارِسِيُّ وَ قَالَ: يَا أَبَا بَكْر، إِلَى مَنْ تُسْنِدُ أَمْرَكَ إِذَا نَزَلَ بِكَ مَا لاَ تَعْرِفُهُ ؟ وَ إِلَى مَنْ تَفْزَعُ إِذَا سُئِلْتَ عَمَّا لاَ تَعْلَمُهُ ؟ وَ مَا عُذْرُكَ فِي تَقَدُّمِ مَنْ هُوَ أَعْلَمُ مِنْكَ وَ أَقْرَبُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ(صلى الله عليه وآله) وَ أَعْلَمُ بِتَأْوِيلِ كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ سُنَّةِ نَبِيِّهِ، وَمَنْ قَدَّمَهُ النَّبِيُّ(صلى الله عليه وآله) فِي حَيَاتِهِ، وَ أَوْصَاكُمْ بِهِ عِنْدَ وَفَاتِهِ ؟
3. أَبُوذرّ الغفاريّ. ثُمَّ قَامَ أَبُو ذَرّ فَقَالَ: يَا مَعَاشِرَ قُرَيْش، عَلِمَ خِيَارُكُمْ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ(صلى الله عليه وآله) قَالَ: «الاَْمْرُ بَعْدِي لِعَلِيّ، ثُمَّ لاِبْنَيَّ: الْحَسَنِ، وَ الْحُسَيْنِ، ثُمَّ لِلطَّاهِرِينَ» .
4. المِقدادُ بنُ الأسودِ. ثُمَّ قَامَ الْمِقْدَادُ بْنُ الاَْسْوَدِ، وَ قَالَ: ارْجِعْ يَا أَبَا بَكْر عَنْ ظُلْمِكَ، وَ تُبْ إِلَى رَبِّكَ، وَ الْزَمْ بَيْتَكَ، وَ ابْكِ عَلَى خَطِيئَتِكَ، وَ سَلِّمِ الاَْمْرَ لِصَاحِبِهِ الَّذِي هُوَ أَوْلَى بِهِ مِنْكَ فَقَدْ عَلِمْتَ مَا عَقَدَهُ رَسُولُ اللَّهِ(صلى الله عليه وآله) فِي عُنُقِكَ مِنْ بَيْعَتِهِ .
5. بُرَيْدَةُ الاَْسْلَمي. ثُمَّ قَامَ بُرَيْدَةُ الاَْسْلَمِيُّ، فَقَالَ: يَا أَبَا بَكْر، أَ نَسِيتَ أَمْ تَنَاسَيْتَ مَا أَمَرَنَا بِهِ رَسُولُ اللَّهِ(صلى الله عليه وآله) مِنْ تَسْمِيَةِ عَلِيّ(عليه السلام) بِإِمْرَةِ الْمُؤْمِنِينَ ؟ !
6. عمّارُ بنُ ياسر. ثُمَّ قَامَ عَمَّارُ بْنُ يَاسِر، فَقَالَ: يَا مَعَاشِرَ قُرَيْش، يَا مَعَاشِرَ الْمُسْلِمِينَ، إِنْ كُنْتُمْ عَلِمْتُمْ وَ إِلاَّ فَاعْلَمُوا أَنَّ أَهْلَ بَيْتِ نَبِيِّكُمْ أَوْلَى فَلْيُرَدَّ الْحَقُّ إِلَى أَهْلِهِ، فَقَدْ عَلِمْتُمْ أَنَّ عَلِيّاً وَلِيُّكُمْ بِعَهْدِ اللَّهِ .
7. أُبَيُّ بنُ كَعْب. ثُمَّ قَامَ أُبَيُّ بْنُ كَعْب، فَقَالَ: يَا أَبَا بَكْر، لاَ تَجْحَدْ حَقّاً جَعَلَهُ اللَّهُ لِغَيْرِكَ ، وَلاَتَكُنْ أَوَّلَ مَنْ عَصَى رَسُولَ اللَّهِ(صلى الله عليه وآله) فِي وَصِيِّهِ وَ صَفِيِّهِ .
8. خُزَيْمَةُ بنُ ثابت. ثُمَّ قَامَ خُزَيْمَةُ بْنُ ثَابِت، فَقَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ، أَ لَسْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ(صلى الله عليه وآله) قَبِلَ شَهَادَتِي وَحْدِي وَ لَمْ يُرِدْ مَعِي غَيْرِي ؟ قَالُوا: بَلَى، قَالَ: فَأَشْهَدُ أَنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ(صلى الله عليه وآله) يَقُولُ : «أَهْلُ بَيْتِي يَفْرُقُونَ بَيْنَ الْحَقِّ وَ الْبَاطِلِ، وَ هُمُ الاَْئِمَّةُ الَّذِينَ يُقْتَدَى بِهِمْ، وَ قَدْ قُلْتُ مَا عَلِمْتُ، وَ ما عَلَى الرَّسُولِ إِلاَّ الْبَلاغُ الْمُبِينُ .
9. أبو الهَيْثَمُ بنُ التّيّهانِ. ثُمَّ قَامَ أَبُو الْهَيْثَمِ بْنُ التَّيِّهَانِ، فَقَالَ: وَ أَنَا أَشْهَدُ عَلَى نَبِيِّنَا(صلى الله عليه وآله)أَنَّهُ أَقَامَ عَلِيّاً(عليه السلام)، يَعْنِي فِي يَوْمِ غَدِيرِ خُمّ، فَقَالَتِ الاَْنْصَارُ: مَا أَقَامَهُ إِلاَّ لِلْخِلاَفَةِ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: مَا أَقَامَهُ إِلاَّ لِيَعْلَمَ النَّاسُ أَنَّهُ مَوْلَى مَنْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ(صلى الله عليه وآله)مَوْلاَهُ .
10. سَهْلُ بنُ حُنَيْف. ثُمَّ قَامَ سَهْلُ بْنُ حُنَيْف، فَحَمِدَ اللهَ وَ أَثْنَى عَلَيْهِ، وَ صَلَّى عَلَى النَّبِيِّ مُحَمَّد وَ آلِهِ، ثُمَّ قَالَ : يَا مَعْشَرَ قُرَيْش، اشْهَدُوا عَلَيَّ أَنِّي أَشْهَدُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ(صلى الله عليه وآله)وَقَدْ رَأَيْتُهُ فِي هَذَا الْمَكَانِ، يَعْنِي الرَّوْضَةَ، وَ هُوَ آخِذٌ بِيَدِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِب(عليه السلام)، وَهُوَ يَقُولُ: «أَيُّهَا النَّاسُ، هَذَا عَلِيٌّ إِمَامُكُمْ مِنْ بَعْدِي، وَ وَصِيِّي فِي حَيَاتِي وَ بَعْدَ وَفَاتِي، وَ قَاضِي دَينِي، وَ مُنْجِزُ وَعْدِي، وَ أَوَّلُ مَنْ يُصَافِحُنِي عَلَى حَوْضِي، فَطُوبَى لِمَنْ تَبِعَهُ وَ نَصَرَهُ، وَالْوَيْلُ لِمَنْ تَخَلَّفَ عَنْهُ وَ خَذَلَهُ» .
11. عُثْمانُ بنُ حُنَيْف. وَ قَامَ عُثْمَانُ بْنُ حُنَيْف، فَقَالَ : سَمِعْنَا رَسُولَ اللَّهِ(صلى الله عليه وآله)يَقُولُ : «أَهْلُ بَيْتِي نُجُومُ الاَْرْضِ فَلاَ تَتَقَدَّمُوهُمْ، وَ قَدِّمُوهُمْ، فَهُمُ الْوُلاَةُ بَعْدِي»، فَقَامَ إِلَيْهِ رَجُلٌ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَ أَيُّ أَهْلِ بَيْتِكَ ؟ فَقَالَ(صلى الله عليه وآله): «عَلَيٌّ وَ الطَّاهِرُونَ مِنْ وُلْدِهِ» وَ قَدْ بَيَّنَ(صلى الله عليه وآله) فَلاَ تَكُنْ يَا أَبَا بَكْر، أَوَّلَ كافِر بِهِ، وَ لا تَخُونُوا اللهَ وَ الرَّسُولَ، وَ تَخُونُوا أَماناتِكُمْ وَ أَنْتُمْ تَعْلَمُونَ .
12. أَبُو أَيُّوبِ الأنصاريُّ. ثُمَّ قَامَ أَبُو أَيُّوبِ الاَْنْصَارِيُّ فَقَالَ : اتَّقُوا اللهَ عِبَادَ اللَّهِ فِي أَهْلِ بَيْتِ نَبِيِّكُمْ، وَ رُدُّوا إِلَيْهِمْ حَقَّهُمُ الَّذِي جَعَلَهُ اللَّهُ لَهُمْ، فَقَدْ سَمِعْتُمْ مِثْلَ مَا سَمِعَ إِخْوَانُنَا فِي مَقَام بَعْدَ مَقَام لِنَبِيِّنَا(صلى الله عليه وآله)، وَ مَجْلِس بَعْدَ مَجْلِس يَقُولُ: «أَهْلُ بَيْتِي أَئِمَّتُكُمْ بَعْدِي» وَ يُومِئُ إِلَى عَلِيّ(عليه السلام) وَ يَقُولُ: «هَذَا أَمِيرُ الْبَرَرَةِ، وَ قَاتِلُ الْكَفَرَةِ مَخْذُولٌ مَنْ خَذَلَهُ، مَنْصُورٌ مَنْ نَصَرَهُ، فَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ مِنْ ظُلْمِكُمْ، إِنَّ اللهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ، وَ لاَ تَتَوَلَّوْا عَنْهُ مُدْبِرِينَ، وَلاَ تَتَوَلَّوْا عَنْهُ مُعْرِضِينَ .
قَالَ الصَّادِقُ(عليه السلام) : «فَأُفْحِمَ أَبُو بَكْر عَلَى الْمِنْبَرِ حَتَّى لَمْ يُحِرْ جَوَاباً»  .
والخلاصة : فقد نُقلَ واشتُهر الكثيرُ مِنَ الأخبارِ ـ لدى الفريقين ـ في خلافةِ أميرِ المؤمنينِ(عليه السلام)بَعْدَ النبيّ(صلى الله عليه وآله)، ولا يُمكنُ لمنْصف إنكارُها ، نعمْ، ُربّما يؤوّلها مَنْ استحوذَ عليه التعصّبُ والعنادُ  .

فضلُ محمّد(صلى الله عليه وآله) وآلِ محمّد(عليهم السلام)
لقدْ فضّلَ اللهُ تعالى مُحَمّداً وآلَ مُحَمّد(صلى الله عليه وآله) على جميعِ العالمِ ، وقدْ خَلَقَهُم قَبلَ الخَلْقِ ، وَقدْ اختارَهُم على جميعِ المخلوقينِ ، وجعلَ السعادةَ لجميعِ المخلوقينِ بطاعتهم ومحبّتهم ; فإنّهُم ساداتُ جميعِ المخلوقينِ في جميعِ الكمالاتِ (وَاللّهُ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشاءُ)  ، وَقدْ علمتَ بثبوتِ الأفضليّةِ لعليِّ بن أبي طالب(عليه السلام)وكونهِ أكملَ الخلقِ بعدَ الرسولِ(صلى الله عليه وآله) ، وهذه الأفضليّة والأكمليّة ثابتةٌ لولديه: الإمامِ الحسنِ، والإمامِ الحسينِ(عليهما السلام)أيضاً ، فيثبتُ لهما(عليهما السلام) كلُّ ما ثبتَ لأبيهما منَ الفضلِ، وعلوّ المرتبةِ، والمنزلةِ، والشرفِ ، وَقدْ ثبتَ لهما كلُّ ذلكَ بنصّ من النبيّ(صلى الله عليه وآله)، كما ذكرَ ذلكَ أهلُ النقلِ والحديثِ .
ومِنَ النصوصِ المتواترةِ بخصوصِ الحسنينِ(عليهما السلام) أنَّ النبيَّ(صلى الله عليه وآله) قالَ : «الْحَسَنُ وَ الْحُسَيْنُ ابْنَايَ سَيِّدَا شَبَابِ أَهْلِ الْجَنَّة»  .
والسيادةُ هيَ شرفٌ وفضلٌ، وقدْ ثبتتْ لهما بنصِّ الرسولِ الأكرمِ(صلى الله عليه وآله) على جميعِ أهلِ الجنّةِ .
فلابدّ َمن كونِهما أفضلَ منِ جميعِ الخلقِ بعدَ النبيّ(صلى الله عليه وآله)، وبعدَ أبيهما الإمام عليّ بن أبي طالب(عليه السلام) .
بيان ذلك: أنّ أهلَ الجنّةِ أفضلُ أهلِ الدُّنيا ، والأفضلُ منْ أهل الجنّةِ هو أفضلُ أهلِ الدنيا بالبداهةِ .
ولا رَيْبَ في كونهما أشرفَ وأفضلَ ; لأنَّهما اسْتحقّا ذلكَ بالولايةِ على جميعِ الخلقِ ، كما هوَ الثَابتُ بالرواياتِ المتواترةِ، والأدلّةِ القطعيّةِ ; لأنّهُما الامتدادُ الطبيعيُ للنبيِّ(صلى الله عليه وآله) ، فالوليّ و الأولياءُ تَتَجلّى فيهم كمالاتُِ النبيِّ(صلى الله عليه وآله)، فهُما(عليهما السلام)أكملُ جَمِيعَ الخلقِ بعدَ النبيِّ(صلى الله عليه وآله) .

التنصيصُ على الأئمّةِ الاثني عَشَرَ(عليهم السلام)

تَواتَرتْ الأخْبارُ عَنْ الإماميّةِ خَلَفاً عَنْ َسَلف في تَنْصيِصِ النبيِّ(صلى الله عليه وآله) عَلى الأئمّةِ الاثْنَيْ عَشَرَ ، وعددِهم(عليهم السلام) من بعده(صلى الله عليه وآله) وهي كثيرةٌ ومستفيضةٌ ، وستُذْكَر طائفة منها:
1. أَبُو الْمُفَضَّلِ الشَّيْبَانِيُّ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَر الْعَلَوِيِّ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ جَعْفَر، عَنْ أَخِيهِ مُوسَى بْنِ جَعْفَر، عَنِ الاَْجْلَحِ الْكِنْدِيِّ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ(صلى الله عليه وآله): «لَمَّا عُرِجَ بِي إِلَى السَّمَاءِ رَأَيْتُ مَكْتُوباً عَلَى سَاقِ الْعَرْشِ بِالنُّورِ: لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ، مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ، أَيَّدْتُهُ بِعَلِيّ، وَ نَصَرْتُهُ بِعَلِيّ وَ رَأَيْتُ عَلِيّاً عَلِيّاً عَلِيّاً ثَلاَثَ مَرَّات ثُمَّ بَعْدَهُ الْحَسَنَ، وَ الْحُسَيْنَ، وَ مُحَمَّداً، وَ مُحَمَّداً، وَ جَعْفَراً، وَ مُوسَى، وَ الْحَسَنَ، وَالْحُجَّةَ اثْنَيْ عَشَرَ اسْماً مَكْتُوباً بِالنُّورِ، فَقُلْتُ: يَا رَبِّ أَسَامِي مَنْ هَؤُلاَءِ الَّذِينَ قَرَنْتَهُمْ بِي، فَنُودِيتُ يَا مُحَمَّدُ، هُمُ الاَْئِمَّةُ بَعْدَكَ، وَ الاَْخْيَارُ مِنْ ذُرِّيَّتِكَ»  .
2. مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ عِيسَى بْنِ الْقُرَادِ الْكَبِيرِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ مُسْلِم، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَارَةِ السُّكَّرِيِّ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَاصِم، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ هَارُونَ الْكَرْخِيِّ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ سَلاَمَةَ، عَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ قَالَ: صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللَّهِ(صلى الله عليه وآله) ، ثُمَّ أَقْبَلَ بِوَجْهِهِ الْكَرِيمِ عَلَيْنَا فَقَالَ : مَعَاشِرَ أَصْحَابِي، أُوصِيكُمْ بِتَقْوَى اللَّهِ، وَالْعَمَلِ بِطَاعَتِهِ، فَمَنْ عَمِلَ بِهَا فَازَ وَ غَنِمَ وَ أَنْجَحَ، وَ مَنْ تَرَكَهَا حَلَّتْ بِهِ النَّدَامَةُ فَالْتَمِسُوا بِالتَّقْوَى السَّلاَمَةَ مِنْ أَهْوَالِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ، فَكَأَنِّي أُدْعَى فَأُجِيبُ، وَإِنِّي تَارِكٌ فِيكُمُ الثَّقَلَيْنِ: كِتَابَ اللَّهِ، وَ عِتْرَتِي أَهْلَ بَيْتِي، مَا إِنْ تَمَسَّكْتُمْ بِهِمَا لَنْ تَضِلُّوا، وَ مَنْ تَمَسَّكَ بِعِتْرَتِي مِنْ بَعْدِي كَانَ مِنَ الْفَائِزِينَ، وَ مَنْ تَخَلَّفَ عَنْهُمْ كَانَ مِنَ الْهَالِكِينَ». فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ، عَلَى مَنْ تُخَلِّفُنَا ؟
قَالَ : «عَلَى مَنْ خَلَّفَ مُوسَى بْنُ عِمْرَانَ قَوْمَهُ» ؟
قُلْتُ : عَلَى وَصِيِّهِ يُوشَعَ بْنِ نُون .
قَالَ : «فَإِنَّ وَصِيِّي وَخَلِيفَتِي مِنْ بَعْدِي عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِب، قَائِدُ الْبَرَرَةِ، وَ قَاتِلُ الْكَفَرَةِ، مَنْصُورٌ مَنْ نَصَرَهُ، مَخْذُولٌ مَنْ خَذَلَهُ» .
قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَكَمْ يَكُونُ الاَْئِمَّةُ مِنْ بَعْدِكَ ؟
قَالَ : «عَدَدَ نُقَبَاءِ بَنِي إِسْرَائِيلَ، تِسْعَةٌ مِنْ صُلْبِ الْحُسَيْنِ أَعْطَاهُمُ اللَّهُ عِلْمِي وَفَهْمِي، وَهُمْ خُزَّانُ عِلْمِ اللَّهِ، وَمَعَادِنُ وَحْيِهِ».
قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَمَا لاَِوْلاَدِ الْحَسَنِ ؟ قَالَ : «إِنَّ اللهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى جَعَلَ الاِْمَامَةَ فِي عَقِبِ الْحُسَيْنِ، وَ ذَلِكَ قَوْلُهُ عَزَّ وَ جَلَّ: (وَجَعَلَها كَلِمَةً باقِـيَةً فِى عَقِـبِهِ)  .
قُلْتُ : أَ فَلاَ تُسَمِّيهِمْ لِي يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟
قَالَ : «نَعَمْ، إِنَّهُ لَمَّا عُرِجَ بِي إِلَى السَّمَاءِ وَ نَظَرْتُ إِلَى سَاقِ الْعَرْشِ، فَرَأَيْتُ مَكْتُوباً بِالنُّورِ : لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ، مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ، أَيَّدْتُهُ بِعَلِيّ، وَ نَصَرْتُهُ بِهِ .
وَرَأَيْتُ أَنْوَارَ الْحَسَنِ وَ الْحُسَيْنِ وَ فَاطِمَةَ، وَرَأَيْتُ فِي ثَلاَثَةِ مَوَاضِعَ عَلِيّاً عَلِيّاً عَلِيّاً، وَ مُحَمَّداً مُحَمَّداً، وَ جَعْفَراً، وَ مُوسَى، وَ الْحَسَنَ، وَ الْحُجَّةَ يَتَلاَْلاَُ مِنْ بَيْنِهِمْ كَأَنَّهُ كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ . فَقُلْتُ : يَا رَبِّ، مَنْ هَؤُلاَءِ الَّذِينَ قَرَنْتَ أَسْمَاءَهُمْ بِاسْمِكَ ؟
قَالَ : يَا مُحَمَّدُ، إِنَّهُمُ الاَْوْصِيَاءُ وَ الاَْئِمَّةُ بَعْدَكَ، خَلَقْتُهُمْ مِنْ طِينَتِكَ، فَطُوبَى لِمَنْ أَحَبَّهُمْ، وَالْوَيْلُ لِمَنْ أَبْغَضَهُمْ، وَ بِهِمْ أُنْزِلُ الْغَيْثَ، وَ بِهِمْ أُثِيبُ وَ أُعَاقِبُ» ثُمَّ رَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ(صلى الله عليه وآله) يَدَهُ إِلَى السَّمَاءِ وَ دَعَا بِدَعَوَات فَسَمِعْتُهُ فِيمَا يَقُولُ : «اللَّهُمَّ اجْعَلِ الْعِلْمَ وَالْفِقْهَ فِي عَقِبِي وَ عَقِبِ عَقِبِي، وَ فِي زَرْعِي وَزَرْعِ زَرْعِي»  .
3. رَوَى الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيد، عَنْ أَبِي مُحَمَّد، الْحُسَيْنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَخِي طَاهِر، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ عَلِيّ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ الْخَطَّابِ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ هَاشِم، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي رَافِع، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ شَبِيب، عَنِ الْقَعْنَبِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُسْلِم الْمَدِينِيِّ، عَنْ أَبِي الاَْسْوَدِ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ(صلى الله عليه وآله) : يَقُولُ: «الاَْئِمَّةُ بَعْدِي اثْنَا عَشَرَ; عَدَدَ نُقَبَاءِ بَنِي إِسْرَائِيلَ، تِسْعَةٌ مِنْ صُلْبِ الْحُسَيْنِ أَعْطَاهُمُ اللَّهُ عِلْمِي وَ فَهْمِي، فَالْوَيْلُ لِمُبْغِضِيهِمْ»  .
4. رَوَى أَبُو الْمُفَضَّلِ، مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ زَكَرِيَّا الْعَدَوِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْعَلاَءِ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ صَبِيح الْيَشْكُرِيِّ، عَنْ شَرِيكِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ شَبِيبِ بْنِ عَرْقَدَةَ، عَنِ الْمُفَضَّلِ بْنِ حُصَيْن، عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ(صلى الله عليه وآله)يَقُولُ : «الاْئِمَةُ بَعْدِي اثْنَا عَشَرَ» ثُمَّ أَخْفَى صَوْتَهُ فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ : «كُلُّهُمْ مِنْ قُرَيْش»  .
قال أبو المفضلِ : هذا حديثٌ غريبٌ لا أعرفهُ إلاّ عَنْ الحسنِ بنِ عليِّ بنِ زكريا البصريّ و كان من أصحاب الحديث إلاّ أنّه ثقةٌ في الحديثِ، و كثيراً ما كان يروي من فضائلِ أهلِ البيتِ(عليهم السلام).
5 . رَوى عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ مَنْدَةَ عَنْ هَارُونَ بْنِ مُوسَى، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ عِيسَى بْنِ مَنْصُور الْهَاشِمِيِّ، عَنْ عَمِّهِ عِيسَى بْنِ أَحْمَدَ، عَنْ أَبِي ثَابِت الْمَدَنِيِّ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ أَبِي حَازِم، عَنْ هِشَامِ بْنِ سَعِيد، عَنْ عِيسَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَالِك، عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، قَالَ :سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ(صلى الله عليه وآله)يَقُولُ : «أَيُّهَا النَّاسُ،إِنِّي فَرَطٌ لَكُمْ، وَ إِنَّكُمْ وَارِدُونَ عَلَيَّ الْحَوْضَ، حَوْضاً أَعْرَضَ مِمَّا بَيْنَ صَنْعَاءَ وَبُصْرَى فِيهِ قُدْحَانٌ عَدَدَ النُّجُومِ مِنْ فِضَّة، وَ إِنِّي سَائِلُكُمْ حِينَ تَرِدُونَ عَلَيَّ عَنِ الثَّقَلَيْنِ، فَانْظُرُوا كَيْفَ تُخَلّفُوني فِيهِمَا: السَّبَبُ الاَْكْبَرُ كِتَابُ اللَّهِ طَرَفُهُ بِيَدِ اللَّهِ وَ طَرَفُهُ بِأَيْدِيكُمْ، فَاسْتَمْسِكُوا بِهِ، وَلاَ تُبَدِّلُوا، وَ عِتْرَتِي أَهْلُ بَيْتِي فَإِنَّهُ قَدْ نَبَّأَنِيَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ أَنَّهُمَا لَنْ يَفْتَرِقَا حَتَّى يَرِدَا عَلَيَّ الْحَوْضَ» .
فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ عِتْرَتُكَ ؟
قَالَ : «أَهْلُ بَيْتِي مِنْ ولد عَلِي وَ فَاطِمَةَ وَ الْحَسَنُ وَ الْحُسَيْنُ، وَ تِسْعَةٌ مِنْ صُلْبِ الْحُسَيْنِ، أَئِمَّةٌ أَبْرَارٌ، هُمْ عِتْرَتِي مِنْ لَحْمِي وَ دَمِي»  .
6. رَوَى عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ مُحَمَّد عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ الْبَزَوْفَرِيِّ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ عِيسَى بْنِ الْفَضْلِ الاَْنْمَاطِيِّ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ فَضْل، عَنْ أَبِي عَائِشَةَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ : قَالَ : قَالَ أَبِي: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ(صلى الله عليه وآله) يَقُولُ : «الاَْئِمَّةُ مِنْ بَعْدِي اثْنَا عَشَرَ» تِسْعَةٌ مِنْ صُلْبِ الْحُسَيْنِ ، وَمِنَّا مَهْدِيُّ هَذِهِ الاُْمَّةِ مَنْ تَمَسَّكَ مِنْ بَعْدِي بِهِمْ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِحَبْلِ اللَّهِ ، وَ مَنْ تَخَلَّى مِنْهُمْ فَقَدْ تَخَلَّى مِنَ اللَّه»  .
وأمّا مَا وصلَ إلينا عَن طريقِ بقيّةِ الأصحابِ، ومِن كلِّ واحد من الأئمّةِ الأطهار(عليهم السلام)فهوَ كثيرٌ ، ونكتفي بهذا المقدارِ حيثُ إنَّ هذا المختصر لا يسعُ أكثرَ من ذلكَ .
7. رُوِى عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ إِسْحَاقَ الْخُرَاسَانِيِّ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ نَاصِح، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ آدَمَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَب، عَنْ سَلْمَانَ، قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ(صلى الله عليه وآله) وَ الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيّ(عليه السلام) عَلَى فَخِذِهِ; إِذْ تَفَرَّسَ فِي وَجْهِهِ وَ قَالَ : «يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ، أَنْتَ سَيِّدٌ مِنْ سَادَة، وَ أَنْتَ إِمَامٌ ابْنُ إِمَام، أَخُو إِمَام، أَبُو أَئِمَّة تِسْعَة، تَاسِعُهُمْ قَائِمُهُمْ، إِمَامُهُمْ أَعْلَمُهُمْ أَحْكَمُهُمْ أَفْضَلُهُمْ»  .
8. رَوَى أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَسَنِ الْعُطَارِدِيِّ، عَنْ جَدِّهِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَسَنِ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ الْعُطَارِدِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الرَّقَاشِيِّ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ سُلَيْمَانَ الضُّبَعِيِّ، عَنْ يَزِيدَ الرِّشْكِ وَ يُقَالُ: قَيْسٌ، عَنْ مُطَرِّفِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْن، قَالَ : خَطَبَنَا رَسُولُ اللَّهِ(صلى الله عليه وآله)فَقَالَ: «مَعَاشِرَ النَّاسِ، إِنِّي رَاحِلٌ عَنْ قَرِيب، وَ مُنْطَلِقٌ إِلَى الْمَغِيبِ، أُوصِيكُمْ فِي عِتْرَتِي خَيْراً» .
فَقَامَ إِلَيْهِ سَلْمَانُ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَ لَيْسَ الاَْئِمَّةُ بَعْدَكَ مِنْ عِتْرَتِكَ ؟
فَقَالَ : «نَعَمْ الاَْئِمَّةُ بَعْدِي مِنْ عِتْرَتِي بِعَدَدِ نُقْبَاءِ بَنِي إِسْرَائِيلَ، تِسْعَةٌ مِنْ صُلْبِ الْحُسَيْنِ، وَ مِنَّا مَهْدِيُّ هَذِهِ الاُْمَّةِ، فَمَنْ تَمَسَّكَ بِهِمْ فَقَدْ تَمَسَّكَ بِحَبْلِ اللَّهِ، لاَ تُعَلِّمُوهُمْ فَإِنَّهُمْ أَعْلَمُ مِنْكُمْ، وَ اتَّبِعُوهُمْ فَإِنَّهُمْ مَعَ الْحَقِّ وَ الْحَقُّ مَعَهُمْ حَتَّى يَرِدُوا عَلَيَّ الْحَوْضَ»  .
ومعلومٌ أنَّ عددَ نقباءِ بنيِ إسرائيلَ كانَ اثنيْ عشرَ نقيباً، كمَا جاءَ في القرآنِ الكريمِ : (وَبَعَثْنا مِنْهُمُ اثْنَى عَشَرَ نَقِـيباً)  .
وَقدْ نَصَّ كلُّ إمام مِنْ أئمَةِ أهْلِ البيْتِ(عليهم السلام) عَلى الإمامِ الذِي يَأتِي مِنْ بَعْدِهِ  . 

المصدر: مصباح الهدی في أصول دین المصطفی تأليف آیة الله السیّد محسن الحسیني الجلالي، ترجمة سماحة العلّامة السیّد قاسم الحسیني الجلالي 
 

  طباعة  ||  أخبر صديقك  ||  إضافة تعليق  ||  التاريخ : 2022/03/26  ||  القرّاء : 1325



أوقات الصلاة اليومية :




لندن - London


الإمساك : 4:37
الفجر : 4:47
الشروق : 6:19
الظهر : 12:10
الغروب : 6:02
المغرب : 6:17


مواقيت الصلاة السنوية :

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

  • برمينغهام Birmingham
  • برايتون Brighton
  • كارديف Cardiff
  • غلازغو Glasgow
  • هال Hull
  • ليدز Leeds
  • ليفربول Liverpool
  • لندن London
  • مانشستر Manchester
  • نورويتش Norwich
  • بليموث Plymouth
  • بورتسموث Portsmouth
  • شفيلد Sheffield
  • ساوثهامبتون Southampton
  • سوانزي Swansea

جديد الموقع :



 خطبة الجمعة/ الوُصُولُ إلى اللَّهِ يَحْتَاجُ إلى الوَسِيلَةِ / مركز اهل البيت سري - لندن /سماحة السيد قاسم الجلالي/ 07.03.2025

 خطبة الجمعة/ إستقبالِ شهر رمضان المبارك / مركز اهل البيت سري - لندن/سماحة السيد قاسم الجلالي/ 28.2.2025

 خطبة الجمعة/ اربع حقائق قرانية في الامام المهدي عجل الله فرجه الشريف / مركز اهل البيت سري - لندن/سماحة السيد قاسم الجلالي/ 14.2.2025

 دروسٌ تربويّةٌ نافعةٌ من تراث الحسين علیه السلام/ مركز اهل البيت سري - لندن/سماحة السيد قاسم الجلالي/ 8.2.2025

  خطبة الجمعة/ العبادة الإيجابية والسلبيّة/ مركز اهل البيت سري لندن/سماحة السيد قاسم الجلالي/ 7.2.2025

  خطبة الجمعة/ في المعراج {علّمه شديدُ القوى} المعلّمُ الله تعالى؟ أم جبرائيل؟/ مركز اهل البيت سري لندن/سماحة السيد قاسم الجلالي/ 31.1.2025

 خطبة الجمعة / خَمسُ صِفاتٍ لخِيارِ العبادِ / مركز أهل البيت في سري لندن / سماحة السيد قاسم الجلالي / 24.01.2025

 خطبة الجمعة / أبعادُ دُعاءِ الحَوراءِ زَيْنب(ع):اللّهم تقبّل منّا هذا القربان / مركز أهل البيت في سري لندن / سماحة السيد قاسم الجلالي / 17.01.2025

 خطبة الجمعة/ منهجيّة الامام الجواد فِي بناء الاسرة الصالحة /مركز اهل البيت في سري لندن/ سماحة السيد قاسم الجلالي/ 10.1.2025

 خطبة الجمعة/ النداءات السبعة في دعاء رجب (يا من أرجوه لكل خير) /مركز اهل البيت في سري لندن/ سماحة السيد قاسم الجلالي/ 03.1.2025

مواضيع متنوعة :



  صلاة عيد الفطر المبارك / سماحة العلامة السيد قاسم الجلالي/2022.05.03

 اعلان مجلس استشهاد الامام علي علیه السلام و احیاء لیلة القدر الثانیة

 مواقف انسانية في السيرة العلوية / ليلة الشهادة 21 رمضان المبارك ١٤٤٢

 سماحة السيد قاسم الجلالي شرح خطبة الامام الحسين في الحر وجماعته 1/11/2009 القسم الثالث

 نفحات من سيرة الإمام الحسن المجتبى عليه السلام / سماحة السيد قاسم الجلالي/1443

 دعاء کمیل

 صلاة الجمعة / فضيلة شهر رجب الاصب/ لماذا الاستغفار في رجب / المركز الاسلامي في سري/ 27.01.2023

 ذكرى رحيل الرسول الأعظم | مناهج النبي المختار في الشهادة والتبشير والإنذار

 شذرات من سيرة سيدنا القاسم بن الامام الكاظم عليهما السلام

 الآثار الإيجابيّة للمحبّة على الفرد والاسرة والمجتمع/سماحة العلامة السيّد قاسم الجلالي/المركز الاسلاميّ سري 2024/1/5

إحصاءات :

  • الأقسام الرئيسية : 4

  • الأقسام الفرعية : 31

  • عدد المواضيع : 588

  • التصفحات : 963646

  • التاريخ :